للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَلَكانِ يَنزِلانِ، فيقولُ أحدُهما: الهُمَّ أعطِ مُنفِقًا خلفًا، ويقول الآخرُ: اللهُمَّ أعطِ مُمْسِكًا تلَفًا)). متفق عليه.

١٨٦١ - وعن أسماءَ، قالتْ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((أنْفقِي ولاتُحْصِي فيُحصى اللهُ عليكِ، ولا تُوعي فيُوعي الله عليكِ، ارْضَخي ما استَطعتِ)). متفق عليه.

١٨٦٢ - وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال اللهُ تعالي: أَنْفِقْ يا بنَ آدمَ أُنفِقْ علَيكَ)). متفق عليه.

ــ

الحديث الثانى عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله: ((ما من يوم)) ((ما)) بمعنى ليس، و ((يوم)) اسمه، و ((من)) زائدة، و ((يصبح العباد)) صفة ((يوم))، و ((ملكان)) مستثنى من متعلق محذوف هو خبر ((ما)) المعنى: ليس يوم موصوف بهذا الوصف ينزل فيه أحد إلا ملكان يقولان: كيت وكيت. فحذف المستثنى منه، ودل عليه بوصف الملكين بـ ((ينزلان)). ونظيره في مجئ الموصوف مع العفة بعد إلا في الاستثناء المفرغ قولك: ما اخترت إلا رفيقًا منكم، التقدير: ما اخترت منكم أحدًا إلا رفيقًا، وهو من أمثلة ((كتاب المفتاح)).

قوله ((خلفا)) ((نه)): أي عوضًا، يقال: خلف الله لك خلفًا بخير، وأخلف عليك خيرًا، أي أبدلك بما ذهب منك، وعوضك منه. ((وأعط)) الثاني مشاكلة للأول.

الحديث الثالث عن أسماء: قوله: ((ولا تحصى)) ((تو)): الإحصاء الإحاطة بالشىء حصرًا وتعددًا، والمراد به ها هنا عد الشىء للتبقية، وادخاره للاعتداد به، وترك الإنفاق منه في سبيل الله. وقوله: ((فيحصى الله عليك)) محتمل لوجهين: أحدهما أنه يحبس عنده مادة الرزق، ويقلله بقطع البركة حتى يصير كالشىء المعدود، والآخر: أنه يحاسبك عليه في الآخرة.

قوله: ((ولا توعى)) الإيعاء: حفظ الأمتعة بالوعاء، وجعلها فيه. والمراد به أن لا تمنعي فضل الزاد عمن افتقر إليه، فيوعي الله عنك، أي يمنع عنك فضله، ويسد عليك باب المزيد.

أقول: ويمكن أن تنزل هاتان القرينتان أعنى ((لا تحصى فيحصى الله عليك ولا توعى فيوعي الله عليك)) علي نفي تينك القرينتين، أعنى: اللهم أعط منفقًا خلفًا، وممسكًا تلفًا. ويقال: إنه لم يعلم من قوله: ((أعط منفقًا خلفًا)) كمية الإنفاق، فبين بقوله: ((لا تحصى)) أن المراد منه الكثرة دون القلة؛ لأن الإيعاء من العبد: الإمساك، ومن الله: التلف إما بالحادثة، أو الوارثة. ففيه المشاكلة بين قوله: ((فيحصى الله عليك) وبين قوله: ((فيوعى الله عليك) لأن الأصل أن يقال: فيوعى الله عنك - كما مر - فلما بين لها حالة الإعسار والإنفاق فيها، أتبعها بحالة الإعسار، أي لا تتركى الإنفاق حالئذ ما استطعت. والرضخ: العطية القليلة.

الحديث الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أنفق)) ((غب)): نفق الشيء مضى ونفد، ونفقت الدابة نفوقًا إذا ماتت، ونفقت الدراهم: إذا فنيت. أقول: فقوله: ((أنفق عليك))

<<  <  ج: ص:  >  >>