للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٦٣ - وعن أبي أُمامةَ, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بنَ آدمَ! إنْ تبذُلِ الفَضْلَ خيرٌ لكَ، وإنْ تُمْسِكهُ شرٌّ لكَ، ولا تُلامُ علي كفَافٍ، وابدأْ بمنْ تَعُولُ)). رواه مسلم.

١٨٦٤ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ البَخيلِ والمتصدِّقِ، كمثَلِ رجُلينِ عليهِما جُنَّتانِ من حديدٍ، قد اضطُرَّت أيديهما إلي ثُديِّهما وتراقيهما، فجعلَ المتصدِّقُ كلما تصدَّقَ بصدقةٍ انبسَطتْ عنه، والبخيلُ كلما همَّ بصدقةٍ قَلصَتْ، وأخذَتْ كلُّ حلْقة بمكانها)). متفق عليه.

ــ

مشاكلة؛ لأن إنفاق الله تعالي لا ينقص من خزانته شيئًا. قال: ((يد الله ملأي، لا تغيضها نفقة سحا الليل والنهار) وإليه يلمح قوله تعالي: {ما عندكم ينفد وما عند الله باق}.

الحديث الخامس عن أبي أمامة: قوله: ((إن تبذل الفضل)) مبتدأ و ((خير)) خبر، أي بذل الزيادة علي قدر الحاجة خير لك، وإمساكه شر لك، وإن حفظت من مالك قدر حاجتك لا لوم عليك، وإن حفظت ما فضل علي قدر حاجتك، فأنت بخيل، والبخيل ملوم.

قوله: ((وابدأ بمن تعول)) ((نه)): يقال: عال الرجل عياله يعولهم: إذا قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة وغيرهما. فإن قلت: قوله: ((ابدأ بمن تعول)) إن تعلق بقدر حاجة العيال وكفافهم، لا يستقيم؛ لأن البدءَ يقتضى الترتيب، والانتهاء إلي غير العيال، وكذا إن تعلق بالفضل عن كفافهم؛ لما يلزم منه أن ما يفضل عنهم ينفق عليهم. قلت: الوجه أن يفسر الفضل بما يزيد علي ما يحصل منه الكفاف، فحينئذ يبدأ بالأهم فالأهم. ويؤيد هذا التأويل حديث أبي هريرة ((خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول)) وعلي هذا يحسن قوله: ((ولا تلام علي كفاف)) أي لا تذم إن حفظت رأس مال تنفق من ربحه، فكأنه صلى الله عليه وسلم رخص هذا القدر من المال، لمن لاقوة له في التوكل التام. وإنما سمى كفافًا؛ لأنك تكف به وجهك عن الناس، قاله في الفائق. وقيل: الكفاف: ما لا يفضل عن الشىء، ويكون بقدر الحاجة إليه.

الحديث السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((جنتان)) ((نه)): أي وقايتان. ويروى بالباء الموحدة، تثنية جبة اللباس، وكذا في شرح السنة روى بهما. ((مح)): ((جنتان)) بالنون في هذا الموضع بلا شك ولاخلاف. أقول: وهو أنسب؛ لأن الدرع لا يسمى جبة بالباء بل بالنون، وأنشد الأعشى:

<<  <  ج: ص:  >  >>