للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الثالث

١٨٧٥ - عن عائشة رضي اللهُ عنها أنَّ بعضَ أزواج النبيِّ صلى الله عليه وسلم قلنَ للنبي صلى الله عليه وسلم أينا أسرعُ بكَ لُحوقًا؟ قال: أطولُكُنَّ يدًا، فأخذوا قصبةً يذرعونها، وكانت سودةُ أطوَلهُنَّ يدًا، فعلما بعدُ أنما كانَ طولُ يدِها الصدقةَ، وكانت أسرَعنَا لحوقًا بهِ زينبُ، وكانت تحبُّ الصدقة. رواه البخاري. وفي روايةِ مسلم، قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أسرعُكُنَّ لحوقًا بي أطولُكنَّ يدًا)). قالت: وكانت يتطاولْنَ أيَّتهُنَّ أطولُ يدًا؟ قالت: فكانت أطولَنا يدًا زينب؛ لأنَّها كانت تعملُ بيدِها وتتصدَّق.

ــ

الفصل الثالث

الحديت الأول عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((أينا أسرع بك لحوقًا؟)) أي تدركك بالموت من بعض الأزواج، ومنه حديث فاطمة رضي الله عنها ((إنك أول أهلي لحوقًا بى فضحكت)). قوله: ((فأخذوا قصبة)) والظاهر فأخذن، وإنما عدل إلي ضمير المذكر تعظيمًا لشأنهن، كقوله تعالي: ((وكانت من القانتين)) وقول الشاعر.

وإن شئت حرمت النساء سواكم

قوله: ((فعلمنا بعد)) تعنى فهمنا من قوله: ((أطولكن يدًا)) ابتداءً ظاهره، فأخذنا لذلك قصبة نذرع بها يدًا يدًا لننظر أينا أطول يدًا، فلما فطنا بمحبتها الصدقة، وعلمنا أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد باليد العضو، وبالطول طولها، بل أراد العطاء وكثرته، أجريناه علي الصدقة، فاليد هنا استعارة للصدقة والطول ترشيح لها؛ لأنه ملاتم للمستعار منه. ولو قيل: أكبركن لكان تجريدًا لها.

قوله: ((أيتهن)) في موضع نصب، إما حال أو مفعول له، أي كانت تتطاولن أيديهن ناظرات، أو لينظرن أيتهن أطول يدًا. قوله: ((فكانت أطولنا يدًا زينب)). فإن قلت: لم قدم ((أطولنا)) وجعله اسمًا، وآخر ((زينب)) وجعلها خبرًا، وعكس في رواية البخاري، وجعل ((سودة)) اسمًا و ((أطولهن)) خبرًا؟ قلت لاختلاف الحالتين، ولذلك ذكر في إحدى الروايتين ((سودة))، وفي أخراهما ((زينب))، فقدم الطول هنا، لما كان الاهتمام بشأنه في المباراة التي تلوح من قوله ((يتطاولن)). ومثل هذا التقديم قوله تعالي: {إن خير من استأجرت القوى الأمين}. ((الكشاف)): فإن قلت: كيف جعل ((خير من استاجرت)) اسمًا، ((والقوى الأمين)) خبرًا؟ قلت هو مثل قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>