للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٧٤ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((شَرُّ ما في الرجلِ شُحٌّ هَالعٌ، وجُبنٌ خالعٌ)) رواه أبو داود. [١٨٧٤]

وسنذكر حديث أبي هريرة: ((لا يجتمعُ الشحُّ والإِيمان)). في ((كتابِ الجهادِ)) إِن شاء اللهُ تعالي.

ــ

متقابلين} فإنه وارد علي سبيل الامتنان عليهم، ولذلك جمع ضمير الواحد المعظم؛ ليدل علي فخامة شأن النزع، يعنى مثل هذا النزع مختص بنا، ولا يصدر إلا عنا.

الحديت السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((شح هالع)) ((تو)): الشح: بخل مع حرص، فهو أبلغ في المنع من البخل، فالبخل يستعمل في الضنة بالمال، والشح في ساتر ما تمتنع النفس عن الاسترسال فيه من بذل مال، أو معروف، أو طاعة. الهلع: أفحش الجزع. وهلع – بالكسر - فهو هلع وهلوع، ومعناه: أنه يجزع في شحه أشد الجزع علي استخراج الحق منه. وقوله: ((شح هالع)) أي ذو هلع، كما يقال: يوم عاصف، وليل نائم، ويحتمل أيضًا أن يقول: هالع لمكان خالع للازدواج.

وأقول: يحتمل أن يحمل علي الإسناد المجازى، فيسند إلي الشح ماهو مسند إلي صاحبه مبالغة، وعلي الاستعارة المكنية. بأن يشبه الشح بإنسان ثم يوصف بما يلازم الإنسان من الهلع. والهلع: ما فسره الله تعالي، سئل أحمد بن يحيى عن الهلوع، فما زاد علي ما فسره الله تعالي من قوله: {إذا مسه الشر جزوعًا وإذا مسه الخير منوعًا}.

قوله: ((وجبن خالع)) ((نه)): أي شديد، كأنه يخلع فؤاده من شدة خوفه، وهو مجاز عن الخلع والمراد به: ما يعرض من أنواع الأفكار، وضعف القلب عند الخوف.

أقول: الفرق بين وصف الشح بالهلع، والجبن بالخلع، هو أن الهلع في الحقيقة لصاحب الشح، فأسند إليه مجازًا، فهما حقيقتان، لكن الإسناد مجازى، وليس كذلك الخلع؛ إذ ليس مختصًا لصاحب الجبن حتى يسند إليه مجازًا، بل هو وصف للجبن، لكن علي المجاز حيث أطلق وأريد به الشدة، وإلي هذا المعنى ينظر قول الشيخ التوربشتى ويحتمل أن يقال هالع لمكان خالع؛ للازدواج أي المشاكلة. ((تو)): وإنما قال: ((شر ما في الرجل)) ولم يقل في الإنسان لأحد الوجهين: إما لأن الشح والجبن مما تحمد عليه المرأة ويذم به الرجل، أو لأن الخصلتين تقعان موقع الذم من الرجال فوق ما تقعان من النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>