للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في مؤمنٍ: البخلُ، وسوء الخُلُقِ)). رواه الترمذي. [١٨٧٢]

١٨٧٣ - وعن أبي بكرِ الصدِّيقِ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخلُ الجنَّةَ خِبٌّ ولابخيلٌ ولا منَّانٌ)). رواه الترمذي. [١٨٧٣]

ــ

إليك و ((البخل وسوء الخلق)) خبر مبتدأ محذوف، والجملة مبينة. ويجوز أن يكون خبرًا، والبخل وسوء الخلق مبتدأ ((تو)): المراد من ذلك اجتماع الخصلتين فيه مع بلوغ النهاية فيهما بحيث لا ينفك عنهما ولا ينفكان عنه. فأما من فيه بعض هذا، أو بعض ذلك، أو ينفك عنه في بعض الأوقات، فإنه بمعزل عن ذلك.

وأقول: ويمكن أن يحمل ((سوء الخلق)) علي ما يخاف الإيمان؛ فإن الخلق الحسن هو ما يمتثل به العبد أوامر الشرع، ويجتنب عن نواهيه، لا ما يتعارف بين الناس؛ لما ورد عن عائشة رضي الله عنها ((وكان خلقه القرآن)). فإفراد ((البخل من سوء الخلق وهو بعضه، وجعله معطوفًا عليه، يدل علي أنه أسوؤها وأشنعها؛ لأن ((البخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس)). الحديث، ويؤيد هذا التأويل حديث أبي هريرة ((لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا)) رواه النسائي.

الحديث الخامس عن أبي بكر: قوله: ((خب)) ((نه)): الخب - بالفتح - الخداع، وهو الجربز الذي يسعى بين الناس بالفساد، وقد تكسر خاؤه. وأما المصدر فبالكسر. قيل: (المنان)) يتأول علي وجهين: أحدهما من المنة التي هي الاعتداد بالصنيعة، وهي إن وقعت في الصدقة أبطلت الأجر، وإن كانت في المعروف كدرت الصنيعة. وثإنيهما: من المن وهو القطع والنقص من الحق، والخيانة، والقطع من التواد والمحبة.

((خط)): أي لا يدخل الجنة مع هذه الخصلة حتى يجعل طاهرًا منها، إما بالتوبة في الدنيا أو بأن يعفو الله عنه. أو بأن يعذبه ثم يدخله الجنة. ((تو)): أي لا يدخل الجنة مع الداخلين في الرعيل الأول، من غير ما بأس، بل يصاب منه بالعذاب. هذا هو السبيل في تأويل أمثال هذه الأحاديث لتوافق أصول الدين. وقد هلك في التمسك بظواهر أمثال هذه النصوص الجم الغفير من المبتدعة، ومن عرف وجوه القول، وأساليب البيان من كلام العرب هان عليه التخلص بعون الله عن تلك الشبهة.

أقول: ويؤيد التأويل بالعفو قوله تعالي: {ونزعنا ما في صدورهم من غلٍّ إخوانًا علي سرر

<<  <  ج: ص:  >  >>