١٨٩٩ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((نِعمَ الصَّدقةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنحةً، والشَّاةُ الصَّفِيُّ مِنحةً تغدو بإناءٍ وتروحُ بآخرَ)). متفقٌ عليه.
١٩٠٠ - وعن أنسٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((مامِنْ مُسلمٍ يَغرِسُ غرسًا، أو يُزرَعُ زَرْعًا فيأكلُ منه إِنسانٌ أوْ طيرٌ أوْ بَهيمَةٌ؛ إِلَاّ كانتْ له صدقةٌ)). متفق عليه.
ــ
أقول: و ((في)) إعادة، دلالة علي أن الباء في قوله:((إن بكل تسبيحة صدقة)) ثابتة، وهي بمعنى ((في)) وإن نزعت عن بعض النسخ، وأن هذا النوع من الصدقة أغرب من الكل حيث جعل قضاء الشهوة بهذا الطريق مكانًا للصدقة ومقرها.
قوله:((أكان)) أقحم همزة الاستفهام علي سبيل التقرير بين ((لو)) وجوابها تأكيدًا للاستخبار في قوله: ((أرأيتم)).
الحديث الثانى عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((اللقحة)) ((نه)): - بالكسر والفتح - الناقة القريبة العهد بالنتاج، والجمع لقح. والصفي الناقة الغزيرة اللبن. والمنحة العطية، وقد يقع علي الهبة مطلقًا، لا قرضًا ولا عارية.
أقول:((اللقحة)) مخصومة بالمدح، و ((منحة)) تمييز، و ((تغدو)) صفة لـ ((منحة)) إما مميزة ليتميز عن الهبة المطلقة، أو صفة مادحة، وهي أرجح الوجهين؛ لقوله:((نعم)).
وقوله:((بإناء)) إما خبر أو حال، إذا كانت ناقصة، أي تغدو ملتبسة بملء إناه. قال المالكى: وقع في الحديث التمييز بعد فاعل ((نعم)) ظاهرًا، وهو مما منعه سيبويه، ويجيزه إذا وقع مضمرًا كقوله تعالي:{بئس للظالمين بدلا}؛ لأن التمييز فائدته رفع الإبهام، ولا إبهام إلا بعد الإضمار. وأجاز المبرد وقوعه بعد الفاعل الظاهر، وهو الصحيح؛ لأن التمييز بعد الفاعل الظاهر إنما يكون للتوكيد كالحال المؤكدة، نحو قوله تعالي:{ولي مدبرًا}، و {يوم أبعث حيًا} مع أن الأصل فيها أن يبين بها كيفية مجهولة، فكذا التمييز أصله أن يرفع به إبهام، وقد يجاء به بعد ارتفاع الإبهام قصدًا للتوكيد، كقوله تعالي:{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا} وكقول أبي طالب:
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينًا
الحديت الثالث عشر عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ما من مسلم يغرس غرسًا)) ((مظ)): بأي سبب يؤكل مال الرجل يحصل له الثواب. أقول: نكر مسلمًا، وأوقعه في سياق النفي،