١٩٠١ - وفي رواية لمسلمٍ عن جابرٍ:((وما سُرِقَ منه له صدقةٌ)).
١٩٠٢ - وعن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. ((غُفِرَ لامرأةٍ مُومِسَةٍ مرت بكلب علي رأس ركيٍّ، يلْهَثُ كادَ يقتُلُه العَطشُ، فنزَعتْ خُفَّها فأوثقَتْ بخمِارِها، فنزعَتْ له منَ الماءِ، فغُفِرَ لها بذلك)). قيلَ: إِنَّ لنا في البهائِمِ أجرًا، قال:((في كل ذاتِ كَبِدٍ رَطْبةٍ أجرٌ)). متفق عليه.
ــ
وزاد ((من)) الاستغراقية، وخص الغرس والزرع، وعم الحيوان؛ ليدل علي سبيل الكناية الإيمائية علي أن أي مسلم كان سواء حرًا أو عبدًا، مطيعًا أو عاصيًا، يعمل أي عمل من المباح، ينتفع بما عمله أي حيوان - كان - يرجع نفعه اليه ويتاب عليه.
((حس)): روى أن رجلاً مر بأبي الدرداء وهو يغرس جوزة، فقال: أتغرس هذه وأنت شيخ كبير، تموت غدًا أو بعد غد، وهذه لا تطعم إلا في كذا وكذا عامًا! فقال: وما علي أن يكون لي أجرها، ويأكل منها غيرى. وذكر أبو الوفاء البغدادى في كتاب المقامات: أنه مر أنوشروان علي شيخ يغرس شجر الزيتون، فقال له: ليس هذا أوان غرسك شجر الزيتون، وهو شجر بطئ الإثمار وأنت شيخ هرم. فأجاب: غرس من قبلنا وأكلنا، ونغرس ليأكل من بعدنا، فقال أنوشروان: زه - أي أحسنت - وكان إذا قال:((زه)) يعطى من قيلت له أربعة آلاف درهم فقال: أيها الملك! كيف تتعجب من غراسى، واستبطاء ثمره، فما أسرع ما أثمرت! فقال: زه، فزيد أربعة آلاف أخرى، فقال: أيها الملك؟ كل شجرة تثمر في العام مرة، وقد أثمرت شجرتى في ساعة مرتين، فقال: زه، فزيد مثلها، ومضى أنوشروان، وقال: إن وقفنا عليه لم يكفه ما في خزائننا.
قوله:((إلا كانت له صدقة)) الرواية برفع الصدقة علي أن ((كانت)) تامة.
الحديت الرابع عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((مومسة)) ((تو)): هي الفاجرة المجاهرة. قيل: الومس تحكك الشيء بالشيء حتى يتجرد، ولعلها منه ((الركى))، البئر الذي لم يطو، وجمعه الركايا. لهث الكلب يلهت: إذا أخرج لسانه من العطش والتعب.
قوله:((ذات كبد رطبة)) ((تو)): قيل: إن الكبد إذا ظمئت ترطبت، وكذا إذا ألقيت علي النار. وقيل: هو من باب وصف الشىء باعتبار ما يؤول إليه، فمعناه في كل كبد حرَّى لمن سقاها حتى تصير رطبة أجر، والأول أوجه؛ لأن الرطبة قد وردت في الحديث بدل الحارة، فيجب أن يكون بمعناها. وفي حديت سراقة ومخول ((أو حارة)) بدل ((رطبة)) واللفظان معًا - أعنى حرَّى ورطبة - لم يجمعهما رواية.
أقول: التركيب وارد علي سبيل المبالغة، وذلك أنه لما سمعوا حديث سقى المومسة