٢٠٢٢ - وعن أنسٍ، قال: كنَّا معَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في السفر، فمنَّا الصَّائُم ومنا المفطر، غنزلنا ممنزلا في يومٍ حار، فسقَطَ الصوَّامونَ، وقامَ المفْطِرون فضَربُوا الأبنيةَ وسَقَوا الرِّكابَ. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:((ذهبَ المفطرون اليومَ بالأجر)). متفق عليه.
٢٠٢٣ - وعن ابن عبَّاسٍ، قال: خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من المدينةِ إلي مكة، فصامَ حتى بلغ عسْفان، ثمَّ دعا يماءٍ فضرفَعَهُ إِلي يدهِ ليراهُ الناسُ فأفطر حتَّى قدِمَ مكَة، وذلك في رمضانَ، فكانَ ابنُ عبَّاسٍ يقول: قد صامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأفطَر. فمنْ شاءَ صام ومن شاءَ أفطر. متفق عليه.
٢٠٢٤ - وفي روايةٍ لمسلم عن جابر [رضي الله عنه] أنه شرب بعد العصر.
ــ
خرج علي سبب، فهو مقصور علي من كان في مثل حاله، كأنه قال: ليس من البر أن يصوم المسافر إذا كان الصوم يؤديه إلي مثل هذه الحالة، بدليل صيام النبي صلى الله عليه وسلم في سفره عام الفتح، وخبر حمزة الأسلمي، وتخييره إياه بين الصوم والإفطار، ولو لم يكن الصوم براً لم يخبره فيه.
الحديث الرابع عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ذهب المفطرون اليوم بالأجر)) فيه من المبالغة ما فيه، أي أنهم مضوا واستصحبوا معهم الأجر، ولم يتركوا لغيرهم شيئاً منه، كما في قوله تعالي:{ذَهَبَ اللهُ بِنورِهمْ}. ((الكشاف)): يقال: ذهب به إذا استصحبه ومضى معه، وهو مذهب المبرد، وقد تكلم فيه الأدباء، وأجبنا عن ذلك، ثم الذوق السليم والطبع المستقيم يحكم به في هذا المقام، ولا يأباه إلا من له جمود.
الحديث الخامس عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فرفعه إلي يده)) ((إلي يده)) حال: أي رفع الماء منتهياً إلي أقصى حد يده، أو تضمين، أي انتهي الرفع إلي أقصى غايتها ليراه الناس. ((حس)): فيه دليل علي أن من أصبح صائماً في رمضان في السفر، جاز له أن يفطر، ولا فرق عند عامة أهل العلم بين من ينشيء السفر في شهر رمضان، وبين من يدخل عليه شهر رمضان وهو مسافر، وقال عبيدة السلمإني: إذا أنشأ السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار لظاهر قوله تعالي: {فمن شهد منكمُ الشهرَ فليصُمْهُ} وهذا الحديث حجة علي القائل، ومعنى الآية شهد الشهر كله، فأما من شهد بعضه فلم يشهد الشهر.