للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٣٧ - وعن عبد الله بن شقيقٍ، قال: قلتُ لعائشَة: أكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصومُ شهرًا كله؟ قالت: ما عَلِمْتُهُ صامَ شهرًا كلَّه إِلا رمضانَ، ولا أفطرهُ كلَّه حتى يصومَ منه، حتى مضى لسبيلهِ. رواه مسلم.

٢٠٣٨ - وعن عمرانَ بنِ حُصَيْنٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، أنه سألهُ، أو سألَ رجلاً وعِمْرانُ يسمعُ، فقال: ((يا أبا فلان! أما صُمْتَ من سرَرِ شعبانَ؟)) قال: لا. قال: ((فإذا أفْطَرْتَ فصُمْ يومين)) متفق عليه.

ــ

وبيان قولها ((كله))، أي غالبه. وقيل: كان يصومه في وقت، ويصوم بعضه في سنة أخرى، وقيل: كان يصوم تارة من أوله، وتارة من آخره، وتارة بينهما.

أقول: لفظة ((كله)) تأكيد لإرادة الشمول، ورفع التجوز من احتمال البعض، فتفسيره بالبعض مناف له، ولو جعل ((كان)) الثانى وما يتعلق به استئنافًا ليكون بيانًا للحالتين: حالة الإتمام وحالة غيره، لكان أحسن وأغرب، فلو عطف بالواو لم يحمل إلا علي هذا التأويل.

الحديث الثانى عن عبد الله بن شقيق: قوله: ((ولا أفطره كله حتى يصوم منه)) (حتى)) الأولي بمعنى ((كى)) كقولك: سرت حتى أدخل البلد، بنصب إذا كان دخولك مترقبًا، لما يوجد، كأنك قلت: سرت كى أدخلها، أو كان منقضيًا إلا أنه في حكم المستقبل من حيث أنه في وقت وجود السير المفعول من أجله كان مترقبًا. وتحريره: أن ((حتى)) الأولي غاية عدم العلم باستمرار الإفطار المستعقب للصوم، والثانية غاية لعدم علمه بالحالتين من الصيام والإفطار، والاستمرار هو مستفاد من النفي الداخل علي الماضى.

والحديث وارد علي هذا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم حين عزم أن لا يصوم الشهر كله كان مترقبًا أن يصوم بعضه، و ((حتى)) الثانية غاية لما تقدم من الجمل كلها. و ((مضى لسبيله)) كناية عن الموت، واللام في ((لسبيله)) مثلها في قولك: لقيته لتلات بقين من الشهر، تريد مستقبلاً لثلاث. وفائدة الكناية: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن لبثه في الدنية إلا لأداء الرسالة التي أمر بتبليغها، فلما أدى ما عليه تركها ومضى إلي مأواه ومستقره.

الحديث الثالث عن عمران بن حصين: قوله: ((أنه سأله)) الضمير الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والثانى لعمران. ((نه)) و ((مح)): سرار الشهر - بالفتح والكسر - وكذا سرره، وهو آخر ليلة يستمر الهلال بنور الشمس. قالوا: كأن هذا الرجل قد أوجب صوم يومين علي نفسه بنذر، فلما فاته قال له: إذا أفطرت من رمضان فصم يومين وقيل: لعل ذلك عادة له قد اعتادها، فبين له بهذا القول أن صومه غير داخل في جملة القسم المنهي عنه بقوله: ((لا يقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين)).

<<  <  ج: ص:  >  >>