للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٣٩ - وعن أبي هريرةَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضلُ الصيامِ بعد رمضانَ شهرُ اللهِ المحرَّمُ، وأفضلُ الصلاةِ بعدَ الفريضة صلاةُ الليلِ)) رواه مسلم.

٢٠٤٠ - وعن ابنِ عبَّاسٍ، قال: ما رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَتَحَرَّى صيامَ يومٍ فضلَه علي غَيرِه إِلَاّ هذا اليومَ: يوم عاشوراءَ، وهذا الشهرَ، يعني شهر رمضان. متفق عليه.

ــ

الحديث الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((شهر الله المحرم)) أي صيام شهر الله المحرم، يريد أنه يوم عاشوراء، أضاف الشهر إلي الله تعظيمًا وعطف ((المحرم)) إليه بيانًا تفخيمًا له. وفي قوله: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)) للعلماء مقال. ولعمرى! إن صلاة التهجد لو لم يكن فيها فضل سوى قوله تعالي: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} وقوله: {تتجافي جنوبهم عن المضاجع - إلي قوله - فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} وغيرها من الآيات لكفاه تقدمًا ومزية. وينصره ما ذكره شارح مسلم، قال: في الحديث حجة لأبي إسحاق المروزى من أصحابنا، ومن وافقه: أن صلاة الليل أفضل من السنن الرواتب. وقال أكثر أصحابنا: الرواتب أفضل؛ لأنها تشبه الفرائض، والأول أقوى وأوفق لنص الحديث. والله أعلم.

الحديث الخامس عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((فضله علي غيره)) في بعض نسخ المصأبيح ((فضله)) - بسكون الضاد ونصب اللام - وتؤيده رواية شرح السنة ((ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم يوم يبتغى فضله إلا صيام رمضان، وهذا اليوم يوم عاشوراء)) ((مظ)): ((فضله)) بدل من قوله: ((صيام يوم)) والتقدير: يتحرى فضل صيام يوم علي غيره، والتحرى طلب الصواب، والمبالغة في طلب شيء، والمعنى ما رأيته يبالغ في تفضيل يوم علي يوم إلا عاشوراء ورمضان، وذلك؛ لأن رمضان فريضة، وعاشوراء كانت فريضة ثم نسخت. وأقول: علي هذا المبدل هنا ليس في حكم المنحى؛ لاستدعاء الضمير ما يرجع إليه نحو قولك: زيد رأيت غلامه رجلاً صالحًا. وفي أكثر النسخ ((فضله)) - بتشديد الضاد -.

قيل: هو بدل من ((يتحرى)) والحمل علي الصفة أولي؛ لأن قوله: ((هذا اليوم)) مستثنى، ولا بد من مستثنى منه، وليس ها هنا إلا قوله: ((يوم)) وهو نكرة في سياق النفي يفيد العموم، فالمعنى: ما رأيته صلى الله عليه وسلم يتحرى في صيام يوم من الأيام صفته أنه مفضل علي غيره إلا صيام هذا اليوم، فإنه كان يتحرى في تفضيل صيامه مالم يكن يتحرى في تفضيل غيره، ونحوه في اعتبار المستثنى منه قوله: ((ما من أيام أحب إلي الله أن يتعبد له فيها من عشر ذى الحجة)). وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>