وعشرين، ثمَّ حلفَ لايستثنى أنها ليلةُ سبعٍ وعشرينَ. فَقُلْتُ: بأيّ شيءٍ تقولُ ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامةِ - أو بالآيةِ - التي أخبرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنهاَ تطْلُعُ يومئذٍ لاشُعاع لها. رواه مسلم.
٢٠٨٩ - وعن عائشة، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يجتهدُ في العشرِ الأواخرِ مالا يجتهد في غيره. رواه مسلم.
٢٠٩٠ - وعنها، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلَ العشرُ شدَّ مئزَرَهُ، وأحيا ليله، وأيقظ أهله. متفق عليه.
ــ
والخصوص تنافيًا؟ قلت: لا، إذا ذهب إلي التعريض، كما قال إبرا هيم عليه السلام في سارة ((أختى)) تعريضًا بأنها أخته في الدين.
قوله:((لا شعاع لها)) ((مح)): الشعاع هو ما ترى من ضوء الشمس عند ذرورها مثل الحبال والقضبان، مقبلة إليك إذا نظرت إليها. قيل: معنى ((لا شعاع لها)) أن الملائكة لكثرة اختلافها في ليلتها، ونزولها إلي الأرض وصعودها، تستر بأجنحتها، وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس.
الحديث السادس والسابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((شد مئزره)) ((مح)): قيل: معنى شد المئزر الاجتهاد في العبادات زيادة علي عادته صلى الله عليه وسلم في غيره، ومعناه التشمر في العبادة، يقال: شددت في هذا الأمر مئزرى، أي تشمرت له وتفرغت. وقيل: هو كناية عن اعتزال النساء، وترك النكاح، ودواعيه، وأسبابه. ((نه)): أو هو كناية عن التشمر للعبادة، والاعتزال عن النساء معًا.
أقول: قد تقرر عند علماء البيان أن الكناية لا تنافي إرادة الحقيقة، كما إذا قلت: فلان طويل النجاد، وأردت طول نجاده مع طول قامته، لذلك صلى الله عليه وسلم لا يستبعد أن يكون قد شد مئزره ظاهرًا، وتفرغ للعبادة، واشتغل بها عن غيرها، وإليه يرمز قول الشاعر:
دببت للمجد والساعون قد بلغوا جهد النفوس وألقوا دونه الأزرا
قوله:((أحى ليلته)) [((نه))]: أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها. وأما قول أصحابنا: يكره قيام الليل كله، فمعناه الدوام عليه، ولم يقولوا بكراهة ليلة، أو ليلتين، والعشر. واتفقوا علي استحباب إحياء ليلتى العيد وغير ذلك.
وأقول: وفي إحياء الليل وجهان: أحدهما راجع إلي نفس العابد، فإن العابد إذا اشتغل بالعبادة عن النوم الذي هو بمنزلة الموت، فكأنما أحى نفسه، كما قال الله تعالي: {الله يتوفي