٢١١٢ - وعن عائشةَ، قالتْ: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((الماهرُ بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأُ القرآن ويتَتَعْمَعُ فيه، وهوَ عليه شاقٌ، له أجراْن)) متفق عليه.
٢١١٣ - وعن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لاحَسَدَ إلَاّ علي اثنين: رجُلٍ آتاهُ الله القرآن، فهو يقومُ به آناء الليل وآناءَ النَّهار؛ ورجلٍ آتاهُ الله مالاً، فهو ينفقُ منه آناء الليل وآناءَ النهار)) متفق عليه.
٢١١٤ - وعن أبي موسى الأشعريِّ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنِ الذي يقرأ القرآن مثل الأترجَّةِ، ريحُها طيبٌ، وطعمُها طيبٌ؛ ومثلُ المؤمنِ الذي لا
ــ
تقرر ما زعمتم أنكم تحبون ما ذكرت لكم، فقد صح أن تفضلوا عليها ما أذكره لكم من قراءة ثلاث آيات؛ لأن هذا من الباقيات الصالحات، وتلك من الزائلات الفإنيات.
فإن قلت: كان من حق الظاهر أن يعرف ((خلفات)) وصفتيها؛ ليعود إلي تلك المذكورات؟ قلت: لا يستبعد أن يخالف بين التنكيرين، فإن التنكير في الأولي للشيوع وبيان الأجناس، وفي الثانى للتفخيم والتعظيم. ولو ذهب إلي التعريف لم يحسن حسنه.
الحديث الرابع عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((الماهر بالقرآن)) ((مح)): الماهر الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف في القراءة ولا تشق عليه لجودة حفظه، وإتقانه. و ((السفرة)) جمع سافر، ككاتب وكتبة، وهم الرسل؛ لأنهم يسفرون إلي الناس برسالات الله. وقيل: السفرة الكتبة. و ((البررة)) المطيعون من البر، وهو الطاعة.
قال القاضى عياض: يحتمل أن يكون مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقًا للملائكة السفرة؛ لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله. ويحتمل أن يراد أنه عامل بعملهم، وسالك مسلكهم من كون أنهم يحفظونه، ويؤدونه إلي المؤمنين، ويكشفون لهم ما يلتبس عليهم. وأما الذي يتتعتع فيه، أي يتردد في قراءته، ويتلبد فيها لسانه لضعف حفظه فله أجران: أجر بالقراءة، وأجر بالتعب. قال: وليس معناه أن من يتتعتع به أجره أكثر من أجر الماهر. فكيف بذاك، وهو مع السفرة الكرام البررة، أم كيف يلتحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالي وحفظه، وإتقانه، وكثرة تلاوته، ودراسته، كاعتنائه حتى مهر فيه.
الحديث الخامس عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((لا حسد إلا علي اثنين)) قد مضى شرحه مستقصى في الفصل الأول من باب العلم في حديث ابن مسعود. ((مح)): ((آناء الليل)) ساعاتها، واحدها آنا، وأنا، وآنى، وآنو، أربع لغات.
الحديث السادس عن أبي موسى: قوله: ((مثل الأترجة)) ((مظ)): فالمؤمن الذي يقرأ القرآن