٢١٢١ - وعن النواس بن سمعان، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به. تقدمه سورة البقرة وآل عمران، كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما)) رواه مسلم.
ــ
الأفضل، لأنك ثنيت ذكره مجملاً أولاً ومفصلاً ثإنياً، وأوقعت البقرة وآلا عمران تفسيراً وإيضاحاً لـ ((الزهراوين))، فجعلتهما علمين في الإشراق والإضاءة، ثم إن هذا البيان أخرج ((الزهراوين)) من الاستعارة إلي التشبيه، كقوله تعالي:{حتى يبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} وهو مع كونه تشبيهاً أبلغ من الاستعارة، لا دعاء أنه مفسر مبين للمبهم.
قوله:((اقرءوا سورة البقرة)) تخصيص بعد تخصيص، عم أولاً بقوله:((اقرءوا القرآن)) وعلق به الشفاعة، وخص منه ثإنياً الزهراوان، ونيط بهما معني التخليص من كرب حر القيامة، والمحاجة عن أصحابهما. وأفراد ثالثاً ((البقرة)) وضم إليها المعإني الثلاث دلالة علي أن لكل منها خاصية لا يقف عليها إلا صاحب الشرع.
قوله:((البطلة)) ((قض)): أي السحرة، عبر عن السحرة بالبطلة، لأن ما يأتونه باطل، سماهم باسم فعلهم. وإنما لم يقدروا علي حفظها ولم يستطيعوا قراءتهما، لزيغهم عن الحق وإتباعهم للوساوس، وانهماكهم في الباطل. وأقول: يحتمل أن يراد بـ ((البطلة)) المؤاخذون من سحرة البيان، حيث تحدي فيها بقوله:{فأتوا بسورة من مثله} فأفحموا وعجزوا. وهو من قوله: صلى الله عليه وسلم: ((إن من البيان سحراً)). وقيل: أرد بـ ((البطلة)) أصحاب البطلة، أي لا يستطيع قراءة ألفاظها، وتدبر معإنيها، والعمل بأوامرها ونواهيها، أصحاب البطالة والكسالة.
الحديث الثالث عشر عن النواس: قوله: ((يعملون به)) ((مظ)): هذا إعلام بأن من قرأ القرآن، ولم يعمل به، ولم يحرم حرامه، ولا يحلل حلاله، ولا يعتقد عظمته لم يكن القرآن شفيعاً له يوم القيامة. قوله:((يقدمه)) الضمير راجع إلي ((القرآن)). قيل: يقدم ثواب القرآن ثوابهما.
وقيل: يصور القرآن صورة بحيث يجئ يوم القيامة ويراه الناس كما يجعل الله لأعمال العباد خيرها وشرها صورة ووزناً يوضع في الميزان، فليقبل المؤمن هذا وأمثاله، ويعتقده بإيمانه، لأنه ليس للعقل إلي مثل هذا سبيل، وفي تقدم هاتين السورتين علي القرآن دليل علي أنهما أعظم من غيرهما، لأهما أطول، والأحكام فيهما أكثر.
قوله:((بينهما شرق)) ((نه)): أي ضوء، وهو الشمس، والشق أيضاً. وفي الفائق: هو من