٢١٢٢ - وعن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله تعالي معك أعظم؟)) قلت: الله ورسوله أعلم. قال:((يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله تعالي معك أعظم؟)) قلت: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم). قال: فضرب في صدري وقال: ((ليهنك العلم يا أبا المنذر)) رواه مسلم.
ــ
قولهم: شاة شرفاء، أي بينهما فرجة وفصل، لتمييزهما بالتسمية ((تو)): إنما وصفهما بالسواد، لكثافتهما وارتكام البعض منهما علي بعض، وذلك أجدي ما يكون من الظلال في الأمر المطلوب عنهما، ثم بين صلى الله عليه وسلم بقوله:((بينهما شرق)) إنهما مع ارتكامهما وكثافتهما لا يستران الضوء، ولا يمحوانه. فعلي هذا الأشبه أن لا يراد بالشرق الشق، ولأنه استغني بقوله:((ظلتان)) عن بيان البينونة. ((مح)): شرق- بفتح الراء وإسكانها- عن الأكثرين، والأشهر في الرواية واللغة والإسكان.
الحديث الرابع عشر عن أبي بن كعب: قوله: ((أتدري أي آية)) ((تو)) اسم معرب يستفهم به، وهو لازم الإضافة. وذلك أن تلحق به تاء التإنيث في إضافته إلي المؤنث، ولك أن تتركها. وقوله:((معك)) وقع موقع البيان لما كان يحفظه من كتاب الله، لأن ((مع)) كلمة تدل علي المصاحبة. وأما جوابه أولاً بقوله:((الله ورسوله أعلم))، وثإنياً بما أتي به، فهو أن سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصحابي في باب العلم إما أن يكون للحث علي الاستماع لما يريد أن يلقي عليه، أو الكشف عن مقدار فهمه، ومبلغ علمه. فلما راعي الأدب بقوله:((الله ورسوله أعلم)) ورآه لا يكتفي بذلك وأعاد السؤال، علم أنه يريد بذلك استخراج ما عنده من مكنون العلم، فأجاب عنه.
أقول: يمكن أن يقال: إنه ما علم أولاً، وأحال علمه إلي الله وإلي رسوله، فشرح الله صدره بقذف النور وأعلمه، فأجاب بما أجاب، ألا تري كيف هناه صلى الله عليه وسلم بقوله:((ليهنك)).
((قض)): إنما كان آية الكرسي أعظم آية، لأنها مشتملة علي أمهات المسائل الإلهية، فإنها دالة علي أنه تعالي واحد في الإلهية، متصف بالحياة، قائم بنفسه، مقوم لغيره، منزه عن التحيز والحلول، مبرأ عن التغير والفتور، لا يناسب الأشباح، ولا يعتريه ما يعترى الأرواح، مالك الملك والملكوت، مبدع الأصول والفروع، ذو البطش الشديد الذي لا يشفع عنده إلا من أذن له، العالم وحده بالأشياء كلها جليها وخفيها، كليها وجزئيها، واسع الملك والقدرة، ولا يئوده شاق، ولا يشغله شأن، متعال عما يدركه وهم، عظيم لا يحيط به فهم. ذكره في تفسيره. ومن أراد المزيد عليه فعليه بفتوح الغيب.