للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٢٨ - ورواه البخاري عن أبي سعيد.

٢١٢٩ - وعن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً علي سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ (قل هو الله أحد) فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((سلوه لأي شيء يصنع ذلك)) فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أخبروه أن الله يحبه)) متفق عليه.

ــ

الحديث العشرون عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((فيختم بقل هو الله أحد)) أي فيختم قراءته بها، يعني كان من عادته أن يقرأها بعد الفاتحة. قوله: ((إن الله يحبه)) ((مح)): قال المازري: محبة الله تعالي لعباده إرادة ثوابهم، وتنعيمهم. وقيل: نفس الإثابة والتنعيم، لا الإرادة وأما محبة العباد له سبحانه وتعالي فلا يبعد فيها الميل منهم إليه سبحانه وتعالي، وهو مقدس عن الميل. وقيل: محبتهم له: استقامتهم علي طاعته، فإن الاستقامة تمرة المحبة. وحقيقة المحبة ميلهم إليه، لاستحقاقه سبحانه وتعالي المحبة من جميع وجوهها.

وأقول: تحريره أن حقيقة الحبة ميل النفس إلي مايلائمها من الاذات. وهي في حق الله تعالي محال. فيحمل إما علي إرادة الإثابة، أو علي الإثابة نفسها. وأما محبة العباد له تعالي فيحتمل أن يراد بها الميل إلي الله سبحانه وصفاته لاستحقاقه سبحانه إياها من جميع وجوهها، وأن يراد بها نفس الاستقامة علي طاعة الله تعالي، فيرجع حاصل هذا الوجه إلي الأول، لأن الاستقامة ثمرة المحبة، و {قل هو الله أحد} في معني لا إله إلا الله مع تعليله علي وجهين، أحدهما: أنه وحده، هو الصمد المرجوع إليه في حوائج العباد، والمخلوقات، ولا صمد سواه، ولو تصور سواه صمد لفسد نظام العالم. ومن ثم كرر ((الله)) وأوقع ((الصمد)) المعرفة خبراً له، وقطعه جملة مستأنفة علي بيان الموجب. وثإنيهما: أن الله هو الأحد في الألوهية إذ لو تصور غيره لكان إما أن يكون فوقه فيها، وهو محال، وإليه الإشارة بقوله: {لم يلد} أو مساوياً له، وهو محال أيضاً وإليه رمز بقوله: {ولم يكن له كفوا أحد}. ويجوز أن تكون الجمل المنفية تعليلاً للجملة الثانية المثبتة كأنه لما قيل: هو الصمد، المعبود، الخالق، الرازق، والمثيب، المعاقب، ولا صمد سواه. فقيل: لم كان ذلك؟ أجيب لأنه ليس فوقه أحد يمنعه من ذلك، ولا مساو يعاونه فيه، ولا دونه يستقل به، قال تعالي: {ما لهم فيهما من شرك وماله منهم من ظهير} والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>