للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢١٣٢ – * وعن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلي فراشه كل ليله، جمع كفيه ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما (قل هو الله أحد)، (قل أعوذ برب الفلق)، و (قل أعوذ برب الناس)، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما علي رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات. متفق عليه.

ــ

ثم تفكر في ثإنيتهما، كيف وصف المستعاذ به بالرب، ثم بالملك، ثم بالإله، وأضافها إلي الناس، وكرره، وخص المستعاذ منه بالوسواس المعنى به الموسوس من الجنه والناس. الكشاف: إن الاستعاذة وقعت من شر الموسوس في صدور الناس. وكأنه قيل: أعوذ من شر الموسوس إلي الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم، وهو إلاههم ومعبودهم، كما يستغيث بعض الموالي إذا اعتراهم خطب بسيدهم ومخددومهم وولي أمرهم. بين بـ {ملك الناس} ثم زيد بيانا بـ {إله الناس}؛ لأنه قد يقال لغيره: رب الناس، وقد يقال: ملك الناس، وأما إله الناس فخاص لا شركة فيه، فجعل غاية للبيان.

وأقول هذه الممبالغة في جانب المستعاذ به. والترقى في الصفات تقتضى المبالغة في المستعاذ منه، ولعمرى! إن هذه الوسوسة إما أن تكون في صدور المستعيذ وهي رأس كل شر ومنشأ كل ضلالة وكفر وبدعة، أو في صدور من يناديه ويضاده، وهي معدن كل مضرة، ومنبع كل نكال، وعقوبة، فيدخل فيه نفسة كل نافث، وحسد كل حاسد. ((مح)): وفي الحديث دليل واضح علي كون المعوذتين من القراَن، ورد علي من نسب إلي ابن مسعود خلافه. وعلي أن لفظة ((قل)) من القراَن ثابتة من أول السورتين بعد البسملة. وقد اجتمعت الأمة علي هذا.

الحديث الثالث والعشرون من عائشة رضي الله عنها: قوله: ((ثم نفث فيهما فقرأ فيهما)) ((مظ)): الفاء للتعقيب، وظاهر هذا الحديث يدل علي أنه صلى الله عليه وسلم نفث في كفيه أولاً ثم قرأ، وهذه لم يقل بها أحد، وليس فيها فائدة، ولعل هذا سهو من الكاتب، أو من راوى الراوى؛ لأن النفث ينبغى أن يكون بعد التلاوة، لتوصل بركة القراَن واسم الله إلي بشرة القارئ، أو المقرؤ له. ومعنى النفث إخراج الريح من الفم مع شيء من الريق.

أقول: من ذهب إلي تخطئة الرواة الثقات العدول، ومن اتفقت الأمة علي صحة روايته، وضبطه وإتقانه بما سنح له الرأي الذي أوهن من بيت العنكبوت، فقد خطأ نفسه، وخاض فيما لا يعنيه، هل قاس هذا الفاعل علي ما في قوله تعالي: {فإذا قرأت القراَن}

<<  <  ج: ص:  >  >>