للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا ينقضى عجائبه؛ هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا {إنا سمعنا قراَنا عجباً يهدى إلي الرشد فاًمنا به}. من قال به صدق، ومن عمل به اجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلي صراط مستقيم)). رواه

ــ

وقوله: ((ولا ينقضى عجائبه)) كالعطف التفسيرى للقريتنين، وبيان عدم الشبع في المعنى، وبيان عدم الخلاقة في اللفظ؛ لأن معنى العجب هو ما لم يعهد مثله، ولم يعرف سببه، فيعتد به، ويوثق منظره، ويشتاق إليه، وبه فسر قوله تعالي: {إنا سمعنا قرآنا عجباً يهدى إلي الرشد}. وقوله: ((لم تنته الجن)) أي لم يتوقفوا ولم يمكثوا حتى قالوا: ((إنا سمعنا قرآنا عجباً)) علي سبيل البداهة، ((وإذا)) يختص بالاستقبال، وإذا دخل علي الماضى أفاد استحضار الحال الماضية في مشاهدة السامع، قال تعالي: {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض} ((الكشاف)): فإن قلت: كيف قيل: ((إذا ضربوا)) مع ((قالوا) قلت: هو علي حكاية الحال الماضية كقوله: حين يضربون في الأرض، وقوله: ((من قال به صدق)) فيه وجهان: أحدهما: أن ((قال)) متضمن معنى أخبر، والَاخر: أنه مثل قوله: ((سبحان من لبس العز، وقال به)) أي أحبه واختصه لنفسه، كما يقال: فلان قول بفلان، أي بمحبته واختصاصه، فعلي هذا معنى صدق العمل بمقتضاه، والتحرى لرضي اللهن فحينئذ ينطبق عليه قوله: ((من عمل به أجر)).

وقوله: ((هدى)) روى مجهولاً، ولابد فيه ضمير راجع إلي ((من)) فيصير الهادى مهتدياً، فمعناه: من دعا الناس إلي القرآن، وفق للهداية، ولو روى معروفاً كان المعنى من دعا الناس إلي القرآن، هداهم إلي صراط مستقيم. فإن قلت: قوله: ((وهو حبل الله المتين)) تشبيه، نحو هو أسد أي كأسد، لذكر المشبه والمشبه به، أم أستعارة؟ قلت: لو أقتر علي ((وهو حبل)) كان تشبيهاً كما في حديث بن أرقم ((كتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الأرض))، فلما أضيف إلي الله رجع إلي الاستعارة؛ لأن نفس القرآن حينئذ ليست مشبهة بالحبل، وهو غير مذكور، فيكون أستعارة مصرحة تحقيقية، فإن المشبة المتروك أمر عقلي صرف، ثم إن قوله: ((المتين)) إن روى مرفوعاً صفة لـ ((الحبل)) يكون ترشيحاً للأستعارة؛ لأنه صفه ملائمة للمشبه به، وإنروى مجروراً صفة صفة للمضاف إليه يكون كناية إيمإنية لما يلزم من تخصيص وصف الله حينئذ بالمتين دون سائر الأسماء متانة حبل الله تعالي.

وأما قوله: ((وهو الصراط المستقيم)) أي هو مثل الصراط المستقيم في أن يوصل سالكه إلي

<<  <  ج: ص:  >  >>