٢١٥٤ - وعن ابن عباس، قال: ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خباءه علي قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا فيه إنسان يقرأ سورة {تبارك الذي بيده الملك} حتى ختمها، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((هي المانعة، هي المنجية تنجيه من عذاب الله)). رواه الترمذى، وقال: هذا حديث غريب. [٢١٥٤]
٢١٥٥ - وعن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ:{اَلم تنزيل} و {تبارك الذي بيده الملك}. رواه أحمد والترمذى، والدرامى. وقال الترمذى: هذا حديث صحيح. وكذا في ((شرح السنة)). وفي ((المصابيح)): غريب.
ــ
إذ لو قيل: إن سورة تبارك شفعت، لم تكن بهذه المنزلة، والتنكير في ((رجل)) للإفراد شخصاً، أي شفعت لرجل من الرجال. ولو ذهب أن ((شفعت)) بمعنى تشفع، كما في قوله تعالي:{ونادى أصحاب الجنة}، و {إنا فتحنا لك فتحاً} لكان إخباراً عن الغيب وإن رجلا ما يقرأها فتشفع له، فيكون تحريضاً لكل أحد أن يواظب علي قراءتها. وإثبات الشفاعة للقراَن إما علي الحقيقة في علم الله، أو علي سبيل الأستعارة.
الحديث العشرون عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((ضرب خباءه)) ((نه)): هو أحد بيوت العرب من وبر أو صوف، ولا يكون من شعر، ويكون علي عمودين أو ثلاثة، والجمع أخبئة، قوله:((وفيه أنسان)) التنكير فيه كما في ((رجل)) في الحديث السابق، فيحتمل أن يكون هو إياه، فحينئذ إن تقدم هذا الحديث علي السابق، يكون السابق إخباراً عن الماضى، وإن تأخر يكون إخباراً عن الغيب. وقوله:((هي المنجية)) يحتمل أن تكون مؤكدة لقوله: ((هي المانعة))، وأن تكون مفسرة، ومن ثم عقب بقوله:((تنجيه من عذاب الله)) ثم الجملتان مبينتان لمعنى الشفاعة في الحديث السابق، وتعريف الخبر فيهما لفائدة الحصر، أي إن هذه السورة هي المنجية لا غير، أو هي كاملة في الإنجاء، فعلي هذا التعريف للجنس.
الحديث الحادى والعشرون عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((كان لا ينام حتى يقرأ)) ((حتى)) غاية ((لاينام)) ويحتمل أن يكون المعنى إذا دخل وقت النوم لا ينام حتى يقرأ، وأن يكون ((لا ينام)) مطلقاً حتى يقرأ، المعنى لم يكن من عادته النوم قبل القراءة، فتقع القراءة قبل دخول وقت النوم أي وقت كان، ولو قيل: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقلاأهما بالليل لم يفد هذه الفائدة: قوله: ((في المصابيح: غريب)) هذا ينافي قول الترمذى: ((هذا حديث صحيح)) وقد سبق بيان: أن الصحيح قد يكون غريباً.