٢١٨٨ - وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بئس ما لأحدهم أن يقول: نسيت اَية كيت وكيت؛ بل نسى، واستذكروا القراَن فإنه أشد تفصياً من صدور الرجال من النعم)). متفق عليه، وزاد مسلم:((بعقلها)).
ــ
قوله ((أشد تفصياً)) التفصى من الشىء التخلص منه، تقول: تفصيت من الديون اذا خرجت منها، شبه القرآن وكونه محفوظا علي ظهر القلب بالإبل الأبدة النافرة، وقد عقل عليها، وشد بذراعيها بالحبل المتين، وذلك ان القرآن ليس من كلام البشر بل هو كلام خالق القوى والقدر، وليس بينه وبين، البشر مناسبة قريبة؛ لانه حادث وهو قديم والله سبحانه بلطفه العميم، وكلامه القديم من عليهم ومنحهم هذه النعمة العظيمة قينبغى له أن يتعاهده بالحفظ والمواظبة عليه ما أمكنه.
((قوله قى عقلها)) ((تو)): هي جمع عقال مثل كتاب وكتب، يقال: عقلت البعير أعقله عقلأ، وهو أن يثنى وظيفه مع ذراعه فيشدهما جمينا في وسط الذراع، وذلك الحبل هو العقال. ويجوز تخفيف الحرف الوسط في الجمع مثل كتب وكتب، والرواية فيه من غير تخفيف.
الحديث الثاني عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله ((بئس ما لآحدهم)) ((ما)) نكرة موصوفة، و ((أن يقول)) مخصوص بالذم (كقوله تعالي {بئس ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا} أي بئس شيئاً كائنا للرجل. قوله: ((نسيت آية كيت وكيت)) وذلك ان هذا القول يدل علي أنه لم يتعاهد القرآن ولم يلازم عليه، وقوله:((بل ننسي)) إشارة إلي عدم تقصيره في المحافظة. لكن الله تعالي نساه لمصالح، قال:{ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها}. ((خط)): قوله: ((بل نسى)) يحتمل أن يكون ذلك خاصاً في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون معنى قوله:((نسى)) أي نسخت تلاوته، نهاهم عن هذا القول لئلا يتوهم السضياع علي محكم القرآن، قأعلمهم بأن ذلك من قبل الله لما رأي فيه من الحكمة يعنى نسخ التلاوة٠ قوله:((واستذكروا)) السين للمبالغة أي اطلبوا من انفسكم المذاكرة به، والمحافظة عل قراءته. وهو عطف من حيث المعني علي قوله:((بئس ما لأحدهم ان يقول)) أي لا تقصروا في معاهدة القرآن واستذكروه.
وقوله: بالإ نساء الذي اضراب عن القول بنسبة النسيان إلي النفس المسبب عن عدم التعاهد إلي القول بالإنساء الذي هو من فعل الله من غير تقصير منه، أي لا تقولوا ذلك القول، بل قولواما قيل في عهد الرسول فلو كما يشهد له ما روى عن عائشة: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ بالليل، ققال ((يرحمه الله! قد أذكرنى كذا وكذا آية كنت أنسيتها)) قال أبو عبيد: أما الحريص علي حفظ القرآن الدائب في تلاوته، لكن النسيان يغلبه، فلا يدخل في هذا الحكم بدليل هذا