للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢١٩٣ - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أذن الله لشيء ما أذن لنبى حسن الصوت بالقراَن، يجهر به)) متفق عليه.

ــ

استمع الله لشيء كاستماعه لنبى يستغنى بالقراَن، أي يتلوه ويجهر به. ((حس)): يقال: أذنت لشيء اَذن أذناً- بفتح الالف والذال – إذا استمعت له. أقول: والمراد بـ ((شيء)) المسموع لقوله تعالي: {فاستمع لما يوحى}، وقوله: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له} فلا بد من تقدير مضاف عند قوله: ((لنبى)) أي لصوت نبى، والنبي جنس شائع في كل نبى، فالمراد بالقراَن القراءة.

((مح)): قالوا: لا يجوز أن يحمل الاستمتاع علي الإصغاء، فإنه يستحيل علي الله تعالي، بل هو كناية عن تقريبه وإجزال ثوابه؛ لأن سماع الله لا يختلف.

قوله: ((يتغنى بالقراَن)) معناه عند الشافعى وأصحابه، وأكثر العلماء: تحسين الصوت به، وعند سفيان بن عيينه: يستغنى به الناس. وقيل: عن غيره من الأحاديث والكتب. قال القاضى عياض: يقال: تغنيت وتغإنيت بمعنى استغنيت. وقال الشافعى وموافقوه: معناه تحزين القراءة وترقيقها، واستدلوا بالحديث الَاخر ((زينوا القراَن بأصواتكم)) قال الأزهرى: معنى ((يتغنى به)) يجهر به. وأنكر أبو جعفر الطبرى تفسير من قال: يستغنى به، وخطأه من حيث اللغة، والمعنى، والصحيح: أنه من تحسين الصوت، وتؤيده الرواية الَاخرى ((يتغنى بالقراَن يجهر به)).

أقول: يريد أن قوله: ((يجهر به)) جملة مبينة لقوله: ((يتغنى بالقراَن)) فلن يكون المبين علي خلاف البيان، كذلك ((يتغنى بالقراَن)) في الرواية الاولي بيان لقوله: ((ما أذن لنبى)) أي لصوته، فكيف يحمل علي غير حسن الصوت؟ علي أن الاستماع ينبو عن الاستغناء، وينصره الحديث الَاتى: ((ما أذن لنبى حسن الصوت بالقراَن يجهر به)).

((حس)): في الحديث دليل علي أن المسموع من قراءة القارئ هو القراَن، وليس بحكاية القراَن. قال الشافعى رضي الله عنه: لو كان معنى ((يتغنى بالقراَن)) علي الاستغناء لكان يتغانى، وتحسين الصوت هو يتغنى. قال: ولا بأس في القراَن بالألحان، وتحسين الصوت بأي وجه كان. ((مح)): يستحب تحسين الصوت بالقراءة، وتزيينها بالألحان ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن أفرط حتى زاد حرفاً، أو أخفي حرفاً فهو حرام. ذكره في الأذكار.

<<  <  ج: ص:  >  >>