تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا)). قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه؛ قال فأخبرني عن الإيمان. قال ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، ــ
ــ
وأما طلوع جبريل (عليه السلام) على تلك الهيئة والشأن فإشارة إلى معنى قوله: ((حسن الأدب في الباطن)) ولذلك أدب الله رسوله (عليه السلام) بقوله: (وثيابك فطهر والرجز فاهجر)؛ على هذا ينزل نزوله عليه السلام أحيانا في صورة دحية (رضي الله عنه)؛ لأنه كان من اجمل الناس، ومن ثمة كان الإمام مالك (رضي الله عنه) إذغ أراد أن يحدث توضأ وجلس على صدر فراشه، وسرح لحيته وتطيب، وتمكن من الجلوس على وقار وهيبة، ثم حدث، فقيل له في ذلك، فقال: أحب أن أعظم حديث (- صلى الله عليه وسلم -).
قوله:((أخبرني عن الإسلام)) الإسلام الانقياد والطاعة عن الطوع والرغبة من غير اعتراض، يقال: سلم وأسلمو (استسلم) إذا خضع وأذعن، ولذلك أجاب عنه بالأركان الخمسة، و ((أن)) في قوله: (أن لا إله إلا الله)) هي المخففة عن المثقلة، يدل عليه عطف:((وأن محمدًا)).
قوله:((وأن تقيم الصلاة)) إقامة الصلاة تعديل أركانها وإدامتها، والصلاة فعلة من: صلى بمعنى دعا أو حرك الصلوين؛ لأن المصلى يحركها في ركوعه وسجوده، كالزكاة من: زكى بمعنى نما او طهر، غفإن المال يزيد بأداء الزكاة ويطهر به، وكالصوم من، صام إذا امسك، والحج من: حج إذا قصد، و ((البيت)) اسم جنس غلب على الكعبة وصار علما له.
فإن قلت: كيف خص الأخير بقيد الإستطاعة دون سائرها؛ فإن الاستطاعة التي يتمكن بها المكلف من فعل الطاعة مشروطة في الكل؟ قلت: المعني بهذه الاستطاعة الزاد والراحلة. وكانت طائفة لا يعدونها منها، ويثقلون على الحاج، فنهوا عن ذلك، أو علم الله تعالى:(لاتأكلوا الربا أضعافا مضاعفة)) ولتلك العناية أنزل الله تعلى: (من استطاع)) ومع ذلك نرى كثيرًا من الناس لا يرفعون بهذا النص الجلي رأسا، ويلقون أنفسهم بأيديهم إلى التهلكة.
قوله:((أخبرني عن الإيمان)) إفعال من الأمن، وهو طمأنينة النفس عن إزالة خوف وشك، يقال: أمنه إذا صدقه، وحقيقته آمنة التكذيب والمخالفة. وإن قيل: قوله: ((أن تؤمن بالله)) في جواب الإيمان يوهم التكرار. فالجواب أن الإيمان الذي هو بمعنى التصديق تعدى بنفسه، كما تقول: آمنته وأمنته، والذي يعدى بالباء يتضمن معنى اعترف به أو وثق به، كانه قيل: الإيمان الاعتراف بالله، ووثوق به.