هذا القرآن أنزل علي سبعة أحرفٍ، فاقرأوا ما تيسَّرَ منه)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
٢٢١٢ - وعن ابن مسعود [رضي الله عنه] قال: سمعت رجلا قرأ، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها، فجئت به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية، فقال:((كلاكما محسن، فلا تختلفوا، فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)) رواه البخاري.
ــ
فالجواب: أن الأئمة قالوا في معنى الخبر: إن الاختلاف في القراءات وإن كثرت وتعددت، الكلمة في نفسها، كقوله تعالي:{ننشزها} و {ننشرها} وبالزيادة والنقصان كقوله تعالي: {قالوا اتخد الله}، {وقالوا اتخد الله} بزيادة الواو ونقصها، والوجوه الستة الباقية تكون بأن تثبت الكلمة نفسها جنسها، وتتغير من قبل لواحقها، كالجمع والتوحيد في قوله تعالي:{كطي السجل للكتاب}، {والكتب}. والثاني: كالتذكير والتإنيث في قوله: {لتحصنكم من بأسكم} و {ليحصنكم}. والثالث: الاختلاف التصريفي، كقوله:{ولا كذابا}، {ولا كذبا} بالتخفيف والتثقيل، {ومن يقنط} *، و {ومن يقنط} بفتح النون وكسرها. والرابع: الاختلاف الإعرابي: كقوله تعالي: {ذو العرش المجيد} برفع الدال وجرها، والخامس: اختلاف الأدوات، كقوله تعالي:((ولكن الشياطين)) بتشديد النون وتخفيفها والسادس: اختلاف اللغات، كالتفخيم والإمالة.
الحديث الثاني عن ابن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((كلاكما محسن)) فإن قلت: كيف يستقيم هذا القول مع إظهار الكراهية؟ قلت: معنى الإحسان راجع إلي ذلك الرجل لقراءته، وإلي ابن مسعود لسماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تحريه في الاحتياط، والكراهية راجعة إلي جداله مع ذلك الرجل كما فعل عمر بهشام؛ لأن ذلك مسبوق بالاختلاف، وكان الواجب عليه أن يقره علي قراءته، ثم يسأله عن وجهها.
((مظ)): الاختلاف في القرآن غير جائز؛ لأن كل لفظ منه إذا جاز قراءته علي وجهين أو أكثر، فلو أنكر أحد واحدًا من ذينك الوجهين أو الوجوه، فقد أنكر القرآن ولا يجوز في القرآن القول بالرأي؛ لأن القرآن سنة متبعة، بل عليهما أن يسألا عن ذلك ممن هو أعلم.