اغفر لي إن شئت؛ ولكن ليعزم وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه)) رواه مسلم [٢٢٢٦].
٢٢٢٧ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل)). قيل: يا رسول الله ما الاستعجال قال: ((يقول: قد دعوت، وقد دعوت. فلم أر يستجاب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء)). رواه مسلم [٢٢٢٧].
ــ
والضمير في ((أعطاه)) يرجع إلي ((شيء)) يعني لا يعظم عليه إعطاء، بل جميع الموجودات في أمره يسير، أقول: قوله: ((إن شئت)) في الحديثين ليس بمعنى واحد؛ لأن تعليل قوله:((ليعزم)) بما بعده يوجب الفرق، فقوله:((إن الله يفعل ما يشاء ولا مكره له)) يقتضي أن يُأول قوله: ((اغفر لي إن شئت)) بأنه لا مشيئة لأحد غيرك؛ ليطابق التعليل، ويأول الثاني: بأنه لا كراهة لك فيما تعطي؛ لأن العظيم والحقير عندك سيان.
الحديث الخامس عن أبي هريرة: قوله: ((ما لم يدع)) ((ما)) ظرف لـ ((يستجاب)) بمعنى المدة، وكان من حق الظاهر أن يجاء بالعاطف في قوله:((ما لم يستعجل)) فتركه العاطف علي تقدير عامل آخر استقلالا لكل من القيدين؛ أي يستجاب ما لم يدع بإثم، يستجاب ما لم يستعجل، فترك العاطف استئنافا كأنه لما سمع المخاطب قوله: يستجاب ما لم يدع بإثم، سأل هل الاستجابة مقصورة علي هذا القيد أم لا؟ فأجيب: لا، بل يستجاب ما لم يستعجل.
قول:((قد دعوت وقد دعوت)) التكرار والاستمرار، أي دعوت دعوة مرارا كثيرة، وقوله:((فلم أر يستجاب)) أي: فلم أعلم، مفعول أول ((أر)) محذوف، و ((يستجاب)) مفعول ثان، قيل: جاز ذلك، لأنها من دواخل المبتدأ والخبر، فكما جاز المبتدأ جاز ما أقيم مقامه، كذا ذكر صاحب الكشاف في قوله تعالي:{ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء} أي بل هم أحياء.
قوله:((فيستحسر)) أي يمل. ((نه)): هو استفعال من حسر إذا أعيى وتعب. ((مظ)): من كان