٢٢٣٠ - عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء هو العبادة)) ثم قرأ: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} رواه أحمد والترمذي، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة [٢٢٣٠].
٢٢٣١ - وعن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الدعاء مخ العبادة)) رواه الترمذي [٢٢٣١].
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول والثاني عن النعمان بن بشير رضي الله عنه: قوله: ((الدعاء هو العبادة)) أتى بضمير الفصل، والخبر المعرف باللام، ليدل علي الحصر، وأن العبادة ليست غير الدعاء. ((قض)): لما حكم بأن الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تسمى عبادة من حيث إنه يدل علي أن فاعله مقبل بوجهه إلي الله تعالي معرض عما سواه، لا يجو ولا يخاف إلا منه، استدل عليه بالآية، فإنها تدل علي أنه أمر مأمور به، إذا أتى به المكلف قبل منه لا محالة، وترتب عليه المقصود ترتب الجزاء علي الشرط، والمسبب علي السبب، وما كان كذلك كان أتم العبادات وأكملها، وتقرب منه الرواية الأخرى، فإن مخ الشيء خالصه.
((غب)): العبودية: إظهار التذلل، والعبادة أبلغ منها، لأنها غاية التذلل، ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال، وأقول: يمكن أن تحمل العبادة علي المعنى اللغوي، أي الدعاء ليس إلا إظهار غاية التذلل، والافتقار والاستكانة. قال الله تعالي:{يأيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد}. الجملتان واردتان علي الحصر، وما شرعت العبادات إلا للخضوع للباري، وإظهار الافتقار إليه، وينصر هذا التأويل ما بعد الآية المتلوة {إن اللذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}. حيث عبر عن عدم الافتقار والتذلل بالاستكبار ووضع ((عبادتي)) موضع دعائي، وجعل جزاء ذلك الاستكبار، الصغار والهوان.