٢٢٣٢ - وعن أبي هريرة [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس شيء أكرم علي الله من الدعاء)) رواه الترمذي، وابن ماجة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب [٢٢٣٢].
٢٢٣٣ - وعن سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر)) رواه الترمذي.
ــ
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ليس أكرم علي الله من الدعاء)) ((أكرم)) نصب خبر ((ليس)) فإن قلت: كيف التوفيق بين هذا الحديث وبين قوله تعالي: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} قلت: كل شيء يشرف في بابه فإنه يوصف بالكرم، قال الله تعالي {فأنبتنا فيها من كل زوج كريم}. وإنما كان أكرم الناس أتقاهم؛ لأن الكرم من الأفعال المحمودة، وأكرمها ما يقصد به أشرف الوجوه فأشرف الوجوه ما يقصد به وجه الله تعالي، فمن قصد ذلك بمحاسن أفعاله فهو التقي، فإذا أكرم الناس أتقاهم، وعلي هذا حكم الدعاء؛ لأنه مخ العبادة كما مر.
الحديث الرابع عن سلمان الفارسي رضي الله عنه: قوله: ((لا يرد القضاء إلا الدعاء)).
((تو)): القضاء الأمر المقدر، في تأويل الحديث وجهان: أحدهما أن يراد بالقضاء ما يخافه العبد من نزول المكروه، ويتوقاه، فإذا وفق للدعاء دفع الله عنه، فتكون تسميته بالقضاء علي المجاز، ويزيد توضيحه ما سئل صلى الله عليه وسلم ((أرأيت رقى نسترقيها- إلي قوله: قال ((هي من قدر الله)) فقد أمر الله تعالي بالدعاء والتداوي، مع علم الخلق بأن المقدور كائن؛ لأن حقيقة المقدور وجودا أو عدما مخفية عنهم، وثإنيهما: أن يراد به الحقيقة، فيكون معنى رد الدعاء القضاء، تهوينه وتيسير الأمر فيه حتى يكون القضاء النازل كأنه لم ينزل به، ويؤيده الحديث التالي:((إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل)) أما نفعه مما نزل عليه، فصبره عليه، وتحمله له، رضاه به، حتى لا يكون في نزوله متمنيًا خلاف ما كان، وأما نفعه مما لم ينزل، فهو أن يصرفه عنه، أو يمده قبل النزول بتأييد من عنده، حتى تخف معه أعباء ذلك إذا نزل به.
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: فإن قيل: فما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له؟ فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء، فالدعاء سبب لرد البلاء، ووجود الرحمة، كما أن الترس سبب لدفع السلاح، والماء سبب لخروج النبات من الأرض، فكما أن الترس يدفع