٢٢٤٢ - وعن مالك بن يسار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها)) [٢٢٤٢].
٢٢٤٣ - وفي رواية ابن عباس، قال:((سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم)) رواه أبو داود [٢٢٤٣].
ــ
الحديث الثاني عشر من مالك: قوله: ((ببطون أكفكم)) ((الباء)) للآلة، ويجوز أن تكون للمصاحبة. ((مظ)): عادة من طلب شيئا من غيره، أن يمد كفه إليه، فالداعي يبسط كفه إلي الله تعالي متواضعا متخشعا، ولا يرفع ظهر كفه؛ لأنه إشارة إلي الدفع، لكن من أراد دفع بلاء فليرفع ظهر كفه.
وأقول: ولعل الظاهر أن من يطلب شيئًا من غيره يمد يده إليه ليضع النائل فيها، ومن جمع اليدين يؤذن بكثرة العطية لتمتلئا منها. وإليه ينظر الحديث التالي ((يستحيي أن يردهما صفرا)). ومن جعل بطن الكفين إلي أسفل، كأنه أشار إلي عكس ذلك، وخلوهما عن الخير. ويؤيده مسح الوجه بهما تفاؤلا بإصابة ما طلبه، وتبركا باتصاله إلي وجهه الذي هو أولي الأعضاء وأولاها، فمنه يسري إلي سائر الأعضاء. وأما حديث الاستسقاء، وأنه صلى الله عليه وسلم استسقى وأشار بظهر كفيه إلي السماء، فمعناه: أنه رفعهما رفعًا تامًا حتى ظهر بياض إبطيه، وصارت كفاه محاذيتين لرأسه ملتمسًا أن يغمره برحمته من رأسه إلي قدميه. وذلك لشدة مساس الحاجة إلي الغيث. {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته}. هذا وقد تقرر: أن شرعية الدعاء إنما كانت لإظهار الافتقار والضراعة. بين يدي الجبار، وكان الثناء علي الله تعالي بمحامده، والاعتراف بالذلة والمسكنة، والقصور عما يبتغيه ابتهالا قوليا، ومد اليد علي سبيل الضراعة ابتهالا فعليا، لأنه يصير بذلك كالسائل المتكفف؛ لأن يملأ كفه بما يسد حاجته.
ولما كانت هذه الصورة صورة ضراعة، وإظهار فاقة؛ استحب مد اليد. فكلما كانت الحاجة أمس كان مد اليد أشد، كالحريص علي الشيء يتوقع تناوله. وذلك في الاستسقاء لامتساس الحاجة إلي الغيث عند الجدب، وحبس المطر. هذا مختصر كلام التوربشتي، وقع علي سبيل توارد الخاطر، وقع الحافر علي الحافر.