واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلبٍ غافلٍ لاهٍ)) رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب [٢٢٤١].
ــ
((تو)): فيه وجهان: أحدهما، أن يقال: كونوا أوان الدعاء علي حالة تستحقون منها الإجابة، وذلك بإتيان المعروف، واجتناب المنكر، وغير ذلك من مراعاة أركان الدعاء وآدابه، حتى تكون الإجابة علي قلبه أغلب من الرد، وثإنيهما: أن يقال: ادعوه معتقدين لوقوع الإجابة؛ لأن الداعي إذا لم يكن متحققًا في الرجاء لم يكن رجاؤه صادقًا، وإذا لم يكن الرجاء صادقًا، لم يكن الدعاء خالصًا، والداعي مخلصًا، فإن الرجاء هو الباعث علي الطلب، ولا يتحقق الفرع إلا بتحقق الأصل.
((مظ)): المعنى ليكن الداعي ربه علي يقين بأنه تعالي يجيبه؛ لأن رد الدعاء إما لعجز في إجابته، أو لعدم كرم في المدعو، أو لعدم علم المدعو بدعاء الداعي، وهذه الأشياء منفية عن الله تعالي، وأنه جل جلاله عالم كريم، قادر لا مانع له من الإجابة، فإذا كان الأمر كذلك، فليكن الداعي موقنًا بالإجابة وأقول: قيد الأمر بالدعاء باليقين، والمراد النهي عن التعرض لما هو مناف للإيقان من الغفلة واللهو، بصدهما من إحضار القلب، والجد في الطلب بالعزم في المسألة، فإذا حصلا حصل اليقين، ونبه صلى الله عليه وسلم هذا التنبيه بقوله:((واعلموا)) ونظيره في الكناية قوله تعالي: {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} نهاهم عن الموت علي حالة غير الإسلام، وليس ذلك بمقدورهم، لكنه أمر علي الثبات علي حالة الإسلام بحيث إذا أدركهم الموت أدركهم عل تلك الحالة، ثم اعلم أن التقيظ، والجد في الدعاء من أعظم آدابه، وأوثق عراه.
((مح)): ومن آداب الدعاء: حضور القلب، وهو القصد الأولي منه، وقال أبو حامد في - الإحياء -: آداب الدعاء عشرة: ترصد الأزمان الشريفة كيوم عرفة، واغتنام الأحوال الشريفة كحالة السجود، واستقبال القبلة، ورفع اليدين، وخفض الصوت بين المخافتة والجهر، وأن لا يتكلف السجع، وأن يتضرع ويتخشع، وأن يجزم بالطلب، ويوقن بالإجابة، وأن يلح في الدعاء، ولا يستبطئ، وأن يفتتح الدعاء بذكر الله تعالي، ويرد المظالم، وزاد الشيخ محيي الدين علي هذا، بأن قال: وأن يصلي علي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحمد لله تعالي، وأقول: وأن يختتم الدعاء بالطابع، أي بآمين، وأن لا يخص نفسه بالدعاء، بل يعم ليدرج دعاءه وطلبه في تضاعيف دعاء الموحدين، ويخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتهم، وتجاب. وإلي هذا يلوح قول القارئ والمصلي:{إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم} وأصل ذلك كله ورأسه: اتقاء الشبهات فضلا عن الحرام.