٢٢٨١ - وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشيطان جاثم علي قلب ابن آدم، فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس)) رواه البخاري تعليقًا.
٢٢٨٢ - وعن مالك، قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولُ: ((ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل خلف الفارين، وذاكر الله في الغافلين كغصن أخضر في شجر يابس)) [٢٢٨٢].
٢٢٨٣ - وفي رواية:((مثل الشجرة الخضراء في وسط الشجر، وذاكر الله في الغافلين مثل مصباح في بيت مظلم، وذاكر الله في الغافلين يريه الله مقعده من الجنة وهو حي، وذاكر الله في الغافلين يغفر له بعدد كل فصيح وأعجم)). والفصيح: بنو آدم، والأعجم: البهائم. رواه رزين.
٢٢٨٤ - وعن معاذ بن جبلٍ، قال: ما عملَ العبدُ عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر اللهِ. رواه مالك، والترمذي، وابن ماجه.
ــ
الحديث الرابع عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((جاثم)) ((نه)) أصل الجثوم في الطير، والأرانب وما أشبههما مما يجثم بالأرض، أي يلزمها ويلتصق بها، وهو بمنزلة البروك للإبل. ((فا)) ((خنس)) انقبض وتأخر، هو من قوله تعالي:((ومن شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس)) ومعنى التعليق قد سبق.
الحديث الخامس عن مالك: قوله: ((ذاكر الله في الغافلين)) من باب الترديد. كرر ليناط به كل مرة ما لم ينط به أولا. قوله:((كالمقاتل خلف الفارين)) شبه الذاكر الذي يذكر الله بين جماعة لم يذكروا، بالمجاهد الذي يقاتل الكفار بعد فرار أصحابه منهم، فالذاكر قاهر لجند الشيطان وهازم له، والغافل مقهور ومنهزم منه. ثم شبهه ثإنيا بالغصن الأخضر الذي يعد للإثمار، والغافل باليابس الذي تهيأ للإحراق. ثم شبهه ثالثا بالمصباح في مجرد كونه مضيئا في نفسه والغافل في مجرد الظلمة، كما في قول الشاعر:
وكأن النجوم بين دجاها ... سنن لاح بينهن ابتداع
شبه النجوم بالسنن في مجرد الإشراق، والبدع بالليل في مجرد الظلمة.