للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله أربع، سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت)) رواه مسلم [٢٢٩٤].

٢٢٩٥ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن أقول: سبحان الله

ــ

وجدت في القرآن، لكن الرابعة لم توجد فيه، ولا يفضل ما ليس فيه علي ما هو فيه؛ ولأنه روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الذكر بعد كتاب الله: سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))،والموجب لفضلها اشتمالها علي جملة أنواع الذكر، ومن التنزيه، والتحميد، والتمجيد، والتوحيد، ودلالتها علي جميع المطالب الإلهية إجمالا. وهذا النظم وإن لم يتوقف عليه المعنى المقصود؛ لاستقلال كل واحدة من الجمل الأربع، ولذلك جاء في رواية ((لا يضرك بأيهن بدأت)) لكنه حقيق بأن يراعي؛ لأن الناظر المتدرج في المعارف يعرفه سبحانه أولا بنعوت الجلال التي هي تنزيه ذاته عما يوجب حاجة أو نقصا. ثم بصفات الإكرام، وهي الصفات الثبوتية التي بها يستحق الحمد، ثم يعلم أن من هذا شأنه لا يماثله غيره، ولا يستحق الألوهية سواه، فيكشف له من ذلك أنه أكبر، إذ كل شيء هالك إلا وجه، له الحكم، وإليه ترجعون.

أقول: قوله: ((لا يضرك)) بعد إيراد الكلمات علي النسق والترتيب يشعر بأن العزيمة أن يراعي الترتيب، والعدول عنه رخصة ورفع للجناح، روي عن مالك بن أنس: أن الباقيات الصالحات هي هذه الكلمة، ولعله صلوات الله عليه قد خصها بالباقيات الصالحات؛ لكونها جامعات للمعارف الإلهية، فالتسبيح تقديس لذاته عما لا يليق بجلاله، وتنزيه لصفاته من النقائص، والتحميد منبه علي معنى الفضل والإفضال من الصفات الذاتية والإضافية، والتهليل توحيد للذات، ونفي للضد والند، وتنبيه علي التبري عن الحول والقوة إلا به، واختتامها بالتكبير اعتراف بالقصور في الأفعال والأقوال. قال: ((لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت علي نفسك)).وفي هذا التدرج لمعة من معنى العروج للسالك العارف. وتسميتها بالباقيات الصالحات؛ لما أنه تعالي قابلها بالفإنيات الزائلات أعني ((وأضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء)) الآية، وخص منها ما هو العمدة فيها، ويحصل منه تزيين المجالس، والتفاخر في المحافل من المال والبنين، وجعلها خير منها ثوابا وخير مؤمل. ((حس)):يحتج بهذا الحديث من يذهب إلي أن من حلف أن لا يتكلم اليوم، فسبح أو كبر، أو هلل، أو ذكر الله أنه يحنث؛ لأن الكل كلام، وهو قول بعض أهل العلم، وذهب قوم إلا أنه لا يحنث إلا أن يريده بنيته.

الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((في ((يوم)) مطلق، لم يعلم في أي

<<  <  ج: ص:  >  >>