للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والذي تدعونه أقرب إلي أحدكم من عنق راحلته. قال أبو موسى: وأنا خلفه أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله في نفسي، فقال: ((يا عبدالله بن قيس! ألا أدلك علي كنز من كنوز الجنة؟))، فقلت بلي يا رسول الله. قال: ((لا حول ولا قوة إلا بالله)) متفق عليه.

الفصل الثاني

٢٣٠٤ - عن جابر، قال: قال رسول الله: ((من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة)) رواه الترمذي [٢٣٠٤].

ــ

قوله: ((والذي تدعونه)) أقرب تمثيل لمعنى قرب القريب، والمبالغة فيه، فيكون ترقيا من قوله: ((وهو معكم)).قوله: ((لا حول ولا قوة إلا بالله)) ذكر في إعرابه وجوه خمسة في كتب النحو. ((تو)) الأصل في الحول تغيير الشيء وانفصاله عن غيره، فيفسر بالحالة, وهي ما يتوصل به إلي حيلة ما خفية. وقيل: الحيلة هي الحول, قلبت واوه ياء لانكسار ما قبلها، والمعنى لا توصل إلا تدبير أمر وتغيير حال إلا بمشيئتك ومعونتك. وقيل: الحول الحركة، يقال: حال الشخص إذا تحرك، فالمعنى لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله. ومعنى قوله: ((كنز من كنوز الدنيا)) أنه يعد لقائله، ويدخر له من الثواب ما يقع له في الجنة موقع الكنز في الدنيا؛ لأن من شأن الكانزين أن يسعدوا به، ويستظهروا بوجدان ذلك عند الحاجة.

قوله: ((كنز من كنوز الجنة)) قد سبق مثل هذا التركيب أنه ليس باستعارة؛ لذكر المشبه وهو الحوقلة، والمشبه به وهو الكنز، ولا التشبيه الصرف؛ لبيان الكنز بقوله: ((من كنوز الجنة))؛بل هو من إدخال الشيء في جنس، وجعل أحد أنواعه علي التغليب ونحوه قوله تعالي:} لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم {فالكنز إذن نوعان: المتعارف. وهو المال الكثير يجعل بعضه فوق بعض ويحفظ، وغير المتعارف، وهي هذه الكلمة الجامعة المكتنزة بالمعإني الإلهية، كما أنها محتوية علي التوحيد الخفي؛ لأنه إذا نفيت الحيلة والحركة والاستطاعة عما من شأنه ذلك، وأثبتت لله علي سبيل الحصر وبإيجاده واستعانته وتوفيقه، لم يخرج شيء من ملكه وملكوته، ومن الدلالة علي أنها دالة علي التوحيد الخفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ((ألا أدلك علي كنز من الكنوز)) مع أنه كان يذكرها في نفسه، والدلالة إنما تستقيم علي ما لم يكن عليه، وهو أنه لم يعلم أنه توحيد خفي، وكنز من الكنوز، ولأنه لم يقل: ما ذكرته كنز من الكنوز، بل صرح بها وقال: ((لا حول ولا قوة إلا بالله)) تنبيها له علي هذا السر، والله أعلم.

الفصل الثاني

الحديث الأول والثاني عن الزبير رضي الله عنه قوله: ((صباح)) نكرة وقعت في سياق النفي،

<<  <  ج: ص:  >  >>