للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٠٧ - وعن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبدا لا يحمده)). [٢٣٠٧]

٢٣٠٨ - وعن ابن عباس، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أول ما دعي إلي الجنة

ــ

أفضل الدعاء؛ لأن الدعاء عبارة عن ذكر الله، وأن يطلب منه حاجته، و ((الحمدلله)) تشملهما؛ فإن من حمد الله إنما يحمده علي نعمته،، والحمد علي النعمة طلب مزيد، قال تعالي:} لئن شكرتم لأزيدنكم {.

الحديث الرابع عن عبدالله بن عمرو: قوله: ((الحمد رأس الشكر)) –الكشاف-:الحمد الثناء علي الجميل من نعمة وغيرها، تقول: حمدته علي إنعامه وعلي شجاعته، وأما الشكر فعلي النعمة خاصة، وهو بالقلب واللسان والجوارح، والحمد باللسان وحده، فهو إحدى شعب الشكر. وإنما جعل رأسا؛ لأن ذكر النعمة باللسان، والثناء علي موليها أشيع لها وأدل علي مكانها من الاعتقاد، وآداب الجوارح لخفاء عمل القلب، وما في عمل الجوارح من الاحتمال، بخلاف عمل اللسان، وهو النطق الذي يفصح عن كل خفي، ويجلي عن كل مشتبه.

وأقول: ولذلك صرح نبي الله داود وسليمان القول بالتحميد، وقصرا عليه، وكنيا عن أعمال الجوارح والقلب بالواو العاطفة في قوله تعالي:} ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمدلله {إذ التقدير: آتينا داود وسليمان علما، فعملا به وعلماه، وعرفا حق النعمة، وقالا: الحمدلله، ونحن لما ذهبنا إلي أن ((الحمدلله)) أفضل الدعاء في الحديث السابق تلميحا إلي ما في الفاتحة، فتقول: إنما كان رأس الشكر؛ لأنه حكم رتب عليه الأوصاف الآتية إشعارا بالعلية، فيجعل اللام فيه للاستغراق؛ ليدل علي أن كل ثناء وشكر صدر عن المخلوقات من الملائكة، والثقلين وغيرهما، من ابتداء خلقتهم إلي الأبد لله تعالي؛ لأنه ربهم ومولي نعمهم جلائلها ودقائقها، وظاهرها وباطنها، ومالك أمورهم في العاقبة، فأي حمد أفضل وأعلي وأسنى منه؟ فطابق معنى الحمد معنى الدعاء في قوله: ((اهدنا الصراط المستقيم)) يعني حمدناك بما هو رأس الشكر, فأولنا ما هو أفضل، وهي الهداية إلي الصراط المستقيم.

قوله: ((ما شكر الله عبد لم يحمده)) ((قض)):ولما جعل الحمد رأس الشكر، وأصله والعمدة فيه، حتى انعكس عليه، حتى انعكس عليه، لم يعتد بغيره من الشعب عند فقده، وكان التارك له كالمعرض عن الشكر رأسا.

الحديث الخامس عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((في السراء والضراء)) هو عبارة عن

<<  <  ج: ص:  >  >>