يوم القيامة الذين يحمدون الله في السراء والضراء)) رواهما البيهقي في ((شعب الإيمان)) [٢٣٠٨]
٢٣٠٩ - وعن أبس سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال موسى عليه السلام: يارب! علمني شيئا أذكرك به، وأدعوك به، فقال: يا موسى! لو أن السموات السبع وعامرهن، غيري، والأرضين السبع وضعن في كفة، ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله)) رواه في ((شرح السنة)). [٢٣٠٩]
ــ
جميع أحوال الإنسان، فالسراء من المسرة، والضراء من المضرة، والمقابلة بينهما من حيث المعنى؛ إذ المقابلة الحقيقية للسرور الحزن، وللضر النفع، فقوبل بينهما لمزيد التعميم والإحاطة، وهو أسلوب غريب في البديع.
الحديث السادس عن أبس سعيد رضي الله عنه: قوله: ((أذكرك به)) خبر مبتدأ محذوف استئنافا، أي أنا أذكرك، ولا يجزم جوابا للأمر لعطف قوله:((أو أدعوك به)) ويجوز الجزم، وعطف ((أو أدعوك)) بالجزم علي منوال قوله ولسنا بالجبال ولا الحديدا.
قوله:((قال: يا موسى! قل: لا إله إلا الله)) فإن قلت: طلب موسى ما به يفوق علي غيره من الذكر أو الدعاء، فما مطابقة الجواب السؤال؟ قلت: كأنه تعالي قال: طلبت شيئا محالا؛ إذ لا ذكر ولا دعاء أفضل من هذا، إذ المطلوب من الذكر والدعاء الثواب، فلا ثواب أعظم من ثوابها. وفي إخراج ذاته تعالي من بين عمارها إشعار بأن لا غاية لثواب هذه الكلمة؛ إذ المعنى: أن ثواب هذه الكلمة، أو مدلولها لو وزنت بالسموات والملائكة القانطين فيها، والموكلين بحفظها، والأرضين السبع لترجحت، والزبدة والخلاصة منه: أنه لو وزنت بجميع الكائنات لرجحت، ولإرادة الاستيعاب، وأن المعنى به ما سوى الله استثناه بقوله:((وعامرهن غيري)) وهذا الذي أردناه بالمحال.
قوله:((عامرهن)) العمارة نقيض الخراب، يقال: عمر أرضه يعمرها عمارة، والعمر اسم للمدة التي فيها عمارة البدن بالحياة، والعمرة الزيارة التي فيها عمارة الود. وقوله:((إنما يعمر مساجد الله)) إما من العمارة التي هي حفظ البناء، أو من العمرة التي هي الزيارة، أو من