٢٣١٠ - وعن أبي سعيد، وأبي هريرة ((رضي الله عنهما))، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال: لا إله إلا الله والله أكبر، صدقه ربه. قال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر، وإذا قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يقول الله: لا إله إلا أنا وحدي، لا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلا الله له الملك وله الحمد، قال: لا إله إلا أنا، لي الملك ولي الحمد، وإذا قال: لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال: لا إله إلا أنا لا حول ولا قوة إلا بي)) وكان يقول: ((من قالها في مرضه ثم مات لم تطعمه النار)) رواه الترمذي، وابن ماجه. [٢٣١٠]
ــ
قولهم ((عمرت بمكان كذا)) أي أقمت به. ((قض)):عامر الشيء حافظه، ومدبره، وممسكه من الخلل والانحلال، ولذك سمي الساكن والمقيم في البلدة عامره، وسمي زوار البيت عمارا. وفي الحديث علي المعنى الأعم الذي هو الأصل والحقيقة؛ ليصبح استثناؤه تعالي عنه، فإنه الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا بالحقيقة.
أقول: لو حمل علي جميع مفهومات العمارة من الإصلاح، والمرمة، والحفظ والإمساك، والزيارة، والإقامة وغير ذلك لم يستبعد، فيكون من باب قوله:} إن الله وملائكته يصلون علي النبي {أو يكون ((غيري)) صفة لـ ((عامرهن))،وهذا أولي بسياق الحديث، وإرادة المبالغة منه. ((مظ)):قوله: ((غيري)) مشكل علي تأويل العامر بالساكن؛ فإن الله ليس بساكن فيها، فمعنى العامر- المصلح؛ لأنه تعالي مصلح للسموات والأرض ومن فيهن، والملائكة في السموات مصلحوها بالسكون، وأهل الأرض مصلحوها كذلك، فإذن صح الاستثناء، ويحتمل أن يكون التقدير: وما فيهن كلامي وذكري، فحذف المضاف.
الحديث السابع عن أبي سعيد رضي الله عنه قوله:((صدقه ربه)) أي قرره بأن قال ما قال، وهو أبلغ من أن لو قال: صدقت، نحوه قوله تعالي:} لقد صدق الله رسوله الرؤيا {أي حقق في اليقظة ما رآه صلى الله عليه وسلم في النوم، وقوله:} والذي جاء بالصدق وصدق به {،فقوله:((لا إله إلا أنا)) بيان لقوله: ((صدقه)) لأنه هو التصديق بعينه. قوله:((لم تطعمه النار)) استعار الطعم للإحراق مبالغة، كأن الإنسان طعامها تتغذى وتتقوى به، نحو قوله:} وقودها الناس والحجارة {أي الناس كالوقود والحطب الذي تشتعل به النار.