للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم. يا عبادي! كلكم عار إلا من كسوته؛ فاستكسوني أكسكم. يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا، فاستغفروني أغفر لكم. يا عبادي! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي! لو أن أولكم، وآخركم، وإنسكم، وجنكم كانوا علي أتقى قلب رجل واحد منكم؛ ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي! لو أن

ــ

الضلالين بون بعيد، قال في حق النبي صلى الله عليه وسلم:} ووجدك ضالا فهدى {أي غير مهتد لما سبق إليك من النبوة، وقال موسى عليه السلام:} فعلتها إذن وأنا من الضالين {تنبيها علي أن ذلك منه سهو. ولما فرغ من الامتنان بأمور الدين شرع في بالامتنان بأمور الدنيا، وذكر منها ما هو أصل فيها، ومكمل لمنافعها من الشبع واللبس ولا يستغنى عنهما، ومن ثم وصف الجنة بقوله:} إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى {.

فإن قلت: ما معنى الاستثناء في قوله:)) إلا من أطعمته، وإلا من كسوته)) إذ ليس أحد من الناس محروما عنهما؟ قلت: الإطعام والكسوة لما كانا معبرين عن النفع التام والبسط في الرزق، وعدمها من التقتير والضيق، كما قال تعالي:} الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر {سهل التقصي عن الجواب، فظهر من هذا أن ليس المراد من إثبات الجوع والعري في المستثنى منه، نفي الشبع والكسوة بالكلية، وليس في المستثنى إثبات الشبع والكسوة مطلقا، بل المراد بسطهما وتكثيرهما، يوضحه الحديث الرابع عشر من الفصل الثاني أنه وضع قوله: ((وكلكم فقراء إلا من أغتنيت)) في موضعه.

قوله: ((إنكم لن تبلغوا ضري، فتضروني)) نصب، حذف منه نون الإعراب جوابا عن النفي، أي لن تبلغوا لعجزكم إلي مضرتي، ولا يستقيم، ولا يصح منكم أن تضروني أو تنفعوني، حتى أتضرر منكم أو أنتفع بكم؛ لأنكم لو اجتمعتم علي عبادتي أقصى ما يمكن ما نفعتموني ولا زدتم في ملكي شيئا، ولو اجتمعتم كلكم علي عصيإني ما ضررتموني، ولا نقصتم من ملكي شيئا، فالقرينتان الأخيرتان كالنشر للأولين.

قوله: ((كانوا أتقى قلب رجل واحد)) ((قض)):أي علي تقوى أتقى قلب رجل، أو علي أتقى أحوال قلب رجل واحد. أقول: لا بد من هذا التقدير ليستقيم أن يقع ((أتقى)) خبرا لـ ((كان)) ثم إنه لم يرد أن كلهم بمنزلة رجل واحد، هو أتقى من الناس، بل كل واحد من الجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>