أولكم، وآخركم، وإنسكم، وجنكم، كانوا علي أفجر قلب رجل واحد منكم؛ ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم، وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته؛ ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر. يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم، ثم أوفيكم إياها. فمن وجد خير فليحمد الله. ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه)) رواه مسلم.
٢٣٢٧ - وعن أبي سعيد الخدري ((رضي الله عنه))، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
ــ
بمنزلته؛ لأن هذا أبلغ، كقولك: ركبوا فرسهم، وعليه قوله تعالي:} ختم الله علي قلوبهم وعلي سمعهم {في وجه، ثم إضافة ((أفعل)) إلي نكرة مفردة تدل علي أنك لو تقصيت قلب رجل رجل من كل الخلائق، لم تجد أتقى قلبا من هذا الرجل، قوله:((ما نقص ذلك من ملكي شيئا)) ((شيئا)) يجوز أن يكون مفعول به، إن قلنا: إن ((نقص)) متعد، ومفعولا مطلقا إن قلنا: إنه لازم، أي نقص نقصانا قليلا، والتنكير فيه للتحقير بقرينة قوله في الحديث الآتي:((جناح بعوضة)).
قوله:((في صعيد واحد)) الصعيد وجه الأرض. ((قض)):قيد السؤال بالاجتماع في مقام واحد؛ لأن تزاحم السؤال وازدحامهم مما يدهش المسئول ويبهته، ويعسر عليه إنجاح مآربهم، والإسعاف إلي مطالبهم. و ((المخيط)) بكسر الميم وسكون الخاء الإبرة، وغمسها في البحر إن لم يخل عن نقص ما، لكنه لما لم يظهر ما ينقصه للحس، ولم يعتد به العقل، وكان أقرب المحسوسات نظيرا ومثالا، شبه به صرف ملتمسات السائلين مما عنده، فإنه لا يغيضه مثل ذلك، ولا أقل منه.
قوله:((إنما أعمالكم)) ((قض)):أي هي جزاء أعمالكم، فأحفظها عليكم، ثم أؤديها إليكم تاما وافيا، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. ((مظ)): ((أعمالكم)) تفسير لضمير المؤنث في قوله: ((إنما هي)) يعني إنما نحصي أعمالكم، أي نعد ونكتب أعمالكم من الخير والشر، توفية لجزاء عمل أحدكم علي التمام. أقول: يمكن أن يرجع الضمير إلي ما يفهم من قوله: ((أتقى قلب رجل، وأفجر قلب رجل)) وهي الأعمال الصالحات والطالحات، ويشهد له لفظة ((إنما)) فإنها تستدعي الحصر، أي ليس نفعها وضرها راجعا إلي، بل أحصيها إليكم، لأجازيكم بها، فمن وجد خيرا فليشكر الله؛ لأنه تعالي هو هادي الضلال، وموفقهم للخيرات، ومن وجد شر، فليلم نفسه؛ لأنه باق علي ضلاله الذي أشار إليه بقوله:((كلكم ضال)).
الحديث الخامس عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((أله توبة)) ((مظ)):أي هل تقبل