للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٧٢ - وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل أحد منكم عمله الجنة ولا يجيره من النار، ولا أنا إلا برحمة الله)).رواه مسلم.

٢٣٧٣ - وعن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أسلم العبد وحسن إسلامه، يكفر الله عنه كل سيئة كان زلفها، وكان بعد القصاص: الحسنة بعشر أمثالها إلي سبعمائة ضعف إلي أضعاف كثيرة، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنها)).رواه البخاري.

ــ

للآفات، قلما يخلص له من عمل من شائبة رياء، أو فساد نية، ثم إن سلم له العمل عن ذلك، فلا يسلم إلا برحمة من الله، ثم إن أرجى عمل من أعماله لا يفي بشكر أدنى نعمة من نعم الله، فأنى له أن يستظهر بعمل لم يهتد إليه إلا برحمة من الله وفضل منه! ((شف)):لما بنى النبي صلى الله عليه وسلم أول الكلام علي أن العمل لا ينجي، ولا يوجب الخلاص، لئلا يتكلوا علي أعمالهم، عقبه بفاء التعقيب للحث علي الأعمال، والأمر بالمواظبة علي وظائف الطاعات، والاقتصاد في الأمور، لئلا يتوهموا أن العمل ملغي، وجوده وعدمه سواء، بل العمل أدعى للخلاص، وأقرب إلي النجاة، فقال: ((فسددوا وقاربوا)).

أقول الفاء في قوله: ((فسددوا)) جزاء شرط محذوف، يدل عليه الكلام السابق، فقوله: ((لن ينجي أحد منكم)) أي من بني آدم يقتضي رد المخاطبين فيما اعتقدوه من أن النجاة في العمل، فيجب الاتكال عليه، والاستقصاء فيه، والمواظبة عليه ليلا ونهارا فردهم صلى الله عليه وسلم بقوله: ((لن ينجي أحد منكم))،وأجاب عن سؤالهم بما أجاب، وقد علم من شرعه صلى الله عليه وسلم، أن الأعمال غير مرفوعة أيضا، فعقبه بقوله: ((فسددوا)).وإنما قلنا: إن ((لن)) تقتضي رد المخاطبين فيما اعتقدوه؛ لأن ((لن)) تأكيدا وتشديدا، تقول لصاحبك: لا أقيم غدا، فإن أنكر عليك، قلت: لن أقيم غدا، كما تفعل في إني مقيم وإني مقيم.

الحديث الثامن والتاسع عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((زلفها)) ((نه)):زلفها أي قدمها وأسلفها، والأصل فيه القرب والتقديم، قوله: ((القصاص)) ((تو)):القصاص هاهنا المجازاة، واتباع كل عمل بمثله، وأخذ من القصص الذي هو تتبع الأثر، وهو رجوع الرجل من حيث جاء، وجاء قوله: ((الحسنة بعشر أمثالها بسبعمائة ضعف، والسيئة بمثلها)) مجيء التفسير للقصاص. أقول: الفاء في قوله: ((فحسن)) وقع موقع ((ثم)) في قوله: ((قل آمنت بالله ثم استقم)) أي أسلم واستقام علي الإسلام، بأن أدى حقه، وأخلص في عمله، ولم يرغ روغان الثعلب، ومضاف إليه بعد ما يعلم من المجموع، أي كان بعد حكم محو السيئات وتكفيرها بالإسلام والإخلاص فيه القصاص، أي المجازاة بمثله، فيكون قوله: ((السيئة بمثلها)) هو المراد

<<  <  ج: ص:  >  >>