٢٣٧١ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن ينجي أحد منكم عمله)) قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال:((ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمته؛ فسددوا، وقاربوا، واغدوا، وروحوا، وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا)) متفق عليه.
ــ
الحديث السابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ولا أنت يا رسول الله؟)) عدل عن مقتضى الظاهر، وهو ((ولا إياك)) انتقالا عن الجملة الفعلية إلي الجملة الاسمية، فيكون التقدير ((ولا أنت ممن ينجيه عمله)) استبعادا هن هذه النسبة إليه صلى الله عليه وسلم، وأما قوله صلى الله عليه وسلم:((ولا أنا)) فليكون مطابقا لقولهم: ((ولا أنت)).قوله:((إلا أن يتغمدني الله)) الاستثناء مقطع. ((نه)):يلبسنيها، ويسترني بها، مأخوذ من غمد السيف وهي غلافه يقال: غمدت السيف وأغمدته. والغدو سير أول النهار، نقيض الرواح، يقال: غدا يغدو غدوا.
قوله:((فسددوا)) ((نه)):سدد الرجل إذا صار ذا سداد، وسدد في رميته، إذا بالغ في تصويبها وإصابتها. وقارب الإبل، أي جمعها حتى لا تتبدد، والمقاربة أيضا القصد في الأمور التي لا غلو فيها، ولا تقصير. و ((الدلجة)) سير الليل. وقوله:((وشيء من الدلجة)) مجرور بالعطف علي قوله: ((بالغدو والروحة)) ((مظ)):تقديره: وليكن في مشيتكم شيء من الدلجة، ((شغف)):وارتفع ((شيء)) علي الابتداء، وخبره محذوف، أي شيء من الدلجة اعملوا فيه علي تقدير مطلوب فيه عملكم. قوله:((والقصد القصد)) ((نه)):أي عليكم بالقصد في الأمور في القول والفعل، وهو الوسط بين الطرفين من الإفراط والتفريط.
((قض)):النجاة من العذاب والفوز بالثواب بفضل الله ورحمته، والعمل غير مؤثر فيهما علي سبيل الإيجاب، بل غايته أنه يعد العامل لأن يتفضل عليه وتقرب إليه الرحمة. ومعنى قوله:((إلا أن يتغمدني الله برحمته)) يحفظني بها كما يحفظ السيف في غمده، ويجعل رحمته محيطة بي إحاطة الغلاف بما يحفظ فيه. وقوله:((فسددوا)) بالغوا في التصويب، واقربوا إلي الله بكثرة القربات، والمواظبة علي الطاعات، واعبدوا الله طرفي النهار وزلفا من الليل. شبه العبادة في هذه الأوقات من حيث أنها توجه إلي مقصد وسعى للوصول إليه، بالسلوك والسير، وقطع المسافة في هذه الأوقات، أو معنى ((قاربوا)) اقتصدوا في الأمور، واجتنبوا طرفي الإفراط والتفريط، فلا تترهبوا فتسأم نفوسكم، ويختل معاشكم، ولا تنهمكوا في أمر الدنيا، فتعرضوا عن الطاعة رأسا.
((تو)):ليس المراد بهذا الحديث نفي العمل، وتوهين أمره، بل توقيف العباد علي أن العمل إنما يتم بفضل الله ورحمته، لئلا يتكلوا اغترارا بها، فإن الإنسان ذو السهو والنسيان، وعرضة