للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٧٠ - وعن عمر بن الخطاب، قال: قدم علي النبي صلى الله عليه وسلم سبي فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تسعى، إذا وجدت صبي في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: ((أترون هذه طارحة ولدها في النار؟)) فقلنا: لا، هي تقدر علي أن لا تطرحه. فقال: ((لله أرحم بعباده من هذه بولدها)).متفق عليه.

ــ

وأما تنزيله علي ما استشهد به الشيخ محيي الديث بقوله:} وإنا وإياكم لعلي هدى أو في ضلال مبين {هو أن هذا من الكلام المصنف، وإرخاء العنان، فإن قوله صلى الله عليه وسلم هذا وارد علي التنزل، وبعث الخصم علي التفكر لينظر في حال نفسه من الزيغ والضلال، وحاله صلى الله عليه وسلم من الهدى والصلاح، فيقف علي ما هو عليه وما عليه رسول الله، فيذعن للحق ولا يغضب، وكذلكم هذا الرجل أوصى أهله فيما أوصى، ثم عقبه بهذا الكلام، فيتفكروا في ذلك، وما كانوا عليه من الفساد، وعرفوا أن ما قاله حق، فينفذوا وصيته، ويبذلوا جهدهم فيه.

وينصر الوجه الرابع- وهو أن الجاهل بصفة من صفات الله تعالي لا يكفر- قول الحواريين لعيسى عليه السلام- وهم خلصاؤه-:} هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء {.

الحديث السادس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قوله: ((سبي)) ((نه)):السبي النهب، وأخذ الناس عبيدا وإماءا، والسبية المرأة المنهوبة، فعيلة بمعنى مفعولة، وجمعها السبايا. قوله: ((قد تحلب)) ((تو)):أي سال. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: رأيت عمرا يتحلب فوه، أي يتهيأ رضابه للسيلان. و ((تسعى)) أي تعدو، وروى في كتاب مسلم ((تبتغي)) أي طالبة لابنها، وفي كتاب البخاري ((تسقي)) وليس بشيء. ((مح)):قال القاضي: الصواب ما في رواية البخاري ((تسعى)) بالسين من السعى.

أقول: قوله: ((وفي كتاب البخاري تسقي كما في بعض نسخ المصابيح)) إن كان ردا للرواية، فلا كلام فيه، وإن كان الرد من حيث الدراية، فغير مستقيم؛ لأن ((تسقي)) إذا جعل حالا مقدرة من ضمير المرأة بمعنى قد تحلب ثديها مقدرة السقي، ففاجأت صبيا من الصبيان، فأي بعد فيه؟.

قوله: ((وهي تقدر)) ((الواو)) للحال، وصاحبها مقدر، أي لا تكون طارحة حال قدرتها علي أن لا تطرح، وفائدة الحال أن هذه المرأة استطاعت أن تحفظ الولد، ولا اضطرت إلي طرحه، بذلت جهدها فيه، والله تعالي منزه عن الاضطرار، فلا يطرح عبده في النار ألبتة.

<<  <  ج: ص:  >  >>