٢٤١٩ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله؛ فإنها رأت ملكا. وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم؛ فإنها رأت شيطانا)).متفق عليه.
٢٤٢٠ - وعن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان إذا استوى علي بعيره خارجا إلي السفر كبر ثلاثا، ثم قال:((((سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلي ربنا لمنقلبون))،اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضي،
ــ
هو معاذ. هذا أيضا نشأ من غضب، وقلة احتمال منه، وسوء أدب. والحديث من قوله تعالي:} وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله {وذلك في حق من يتق الله، ولا يسيء الأدب، لقوله تعالي:} إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون {أي تذكروا ما أمر الله به ونهي عنه، فأبصروا السداد، ودفعوا ما وسوس به إليهم.
((مح)):قول الرجل هذا، قول من لم يتفقه في دين الله تعالي، ولم يتهذب بأنوار الشريعة المكرمة، وتوهم أن الاستعاذة مختصة بالجنون، ولم يعلم أن الغضب من نزغات الشيطان، ولهذا يخرج به الإنسان عن اعتدال حاله، ويتكلم بالباطل، ويفعل المذموم، ومن ثمة قال النبي صلى الله عليه وسلم للذي قال: أوصني، قال:((لا تغضب))،فردد مرارا، قال:((لا تغضب))،ولم يزد عليه في الوصية علي ((لا تغضب))، وفيه دليل علي عظم مفسدة الغضب، وما ينشأ منه، ويحتمل أن يكون القائل من المنافقين، أو جفاة العرب.
الحديث الرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إذا سمعتم)) الحديث، لعل المعنى أن الديك أقرب الحيوانات صوتا إلي الذاكرين الله؛ لأنها تحفظ غالبا أوقات الصلوات، وأنكر الأصوات صوت الحمير، فهو أقربها صوتا إلي من هو أبعد من رحمة الله تعالي.
الحديث الخامس عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((استوى علي بعيره)) أي استقر علي ظهره. قوله:((مقرنين)) ((قض)):مقرنين مطيقين مقتدرين، من أقرن له أطاقه وقوى عليه، وهو اعتراف بعجزه، وأن تمكنه من الركوب عليه بإقدار الله تعالي وتسخيره إياه. و ((منقلبون)) راجعون إليه. وفيه تنبيه علي أن السفر الأعظم الذي بصدده، وهو الرجوع إلي الله تعالي، فهو أهم بأن يهتم به، ويشتغل بالاستعداد له قبل نزوله. قوله:((واطو لنا بعده)) عبارة عن تيسير السير بمنح القوة له ولمركوبه، وأن لا يرى ما يزعجه ويوقعه في التعب والمشقة.