يقصد بذلك الشكر علي انقضاء ليلته بالسلامة ويراقب فضيلة الوقت، فإنه من ساعات الذكر. ((قض)):كان الأولي عرفا مواظبته علي هذا القول في أسحار أسفاره.
قوله:((سمع)) ((مح)):روي بوجهين- فتح الميم وتشديدها، وكسرها مع تخفيفها- واختار القاضي عياض هنا وفي المشارق، وصاحب المطالع التشديد، وأشار إلي أن رواية أكثر رواة مسلم، ومعناه بلغ سامع قولي هذا لغيره، وقال مثله تنبيها علي الذكر والدعاء في هذا الوقت، وضبطه الخطابي وآخرون بالكسر والتخفيف.
قال الخطابي: ومعناه شهد شاهد، وهو أمر بلفظ الخبر، وحقيقته ليسمع السامع، وليشهد الشاهد علي حمدنا لله تعالي علي نعمه، وحسن بلائه. ((تو)):البلاء النقمة أو الاختبار بالخير؛ ليتبين الشكر، وبالشر؛ ليظهر الصبر. أقول: إذا روى ((سمع)) بالتشديد فالواو في ((وحسن بلائه)) للعطف، وإذا روى بالتخفيف، يكون بمعنى مع؛ لأن حسن البلاء غير مسمع، بل هو مبلغ، وكلاهما قريب من خطاب العام، كقوله صلى الله عليه وسلم:((بشر المشائين)).يعني بلغ الأمر من فخامته وعظمة شأنه بحيث لا يختص سامع دون سامع أن يكون مأمورا بتبليغ هذا البشارة إلي صاحبه، وبتبليغ هاتين الخلتين، وهما حمدنا لله تعالي، وحسن بلائه علينا. وذلك أنه تعالي أنعم علينا فشكرناه، وابتلانا بالمحن فصبرناه؛ لأن كما ل الإيمان في الإنسان أن يكون صبارا شكورا، كما قال تعالي:} إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور {فيتوجه الثناء والشكر إلي الله تعالي علي حصول كمال الإيمان فيه. فظهر من هذا التقدير أن معنى الأمر أبلغ وأفخم من معنى الخبر؛ لأنه بشارة، والمطلوب بها التبليغ.
قوله:((ربنا صاحبنا)) ((قض)):أي أعنا وحافظنا، وأفضل علينا بإدامة تلك النعمة ومزيدها، والتوفيق للقيام بحقوقها. قوله:((عائذا)) ((قض)):هو نصب علي المصدر أي أعوذ عياذا، أقيم اسم فاعل مقام المصدر، كما في قولهم: قم قائما، وقول الشاعر:
ولا خارجا من في زور كلام
أو علي الحال من الضمير المرفوع في ((يقول)) أو ((أسحر)) ويكون من كلام الراوي.
أقول: يريد أن ((عائذا)) إذا كان مصدرا كان من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا كان حالا كان من كلام الراوي. وجوز الشيخ محيي الدين أن يكون حالا، ويكون من كلام الرسول، حيث قال: