للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٤١ - وعن أبي موسى: أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا خاف قوما. قال: ((اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم)). رواه أحمد، وأبو داود. [٢٤٤١]

٢٤٤٢ - وعن أم سلمة [رضي الله عنها] أن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا خرج من بيته.

قال: ((بسم الله، توكلت علي الله، اللهم إنا نعوذ بك من أن نزل أو نضل، أو نَظلم

أو نُظلم، أو نجهل أو يُجهل علينا)). رواه أحمد، والترمذي، والنسائي. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وفي رواية أبي داود، وابن ماجه، قالت أم سلمة: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلي السماء، فقال: ((اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يُجهل علي)). [٢٤٤٢]

ــ

والمراد كيد العدو، وقيل: أكر وأتحرك. من حال إذا تحرك، والصول الحمل علي العدو، ومنه الصائل.

الحديث الثالث عشر عن أبي موسى رضي الله عنه: قوله: ((في نحورهم)) ((تو)): يقال: جعلت فلاناً في نحر العدو، أي قبالته وحذاءه، ليقاتل عنك ويحول بينك وبينه، وخص النحر بالذكر؛ لأن العدو به يستقبل عند المناهضة للقتال، أو للتفاؤل بنحرهم، أي قتلهم، والمعنى نسألك أن تصد صدورهم، وتدفع شرورهم، وتكفينا أمورهم، وتحول بيننا وبينهم.

الحديث الرابع عشر عن أم سلمة رضي الله عنها: قوله: ((من أن نزل)) ((غب)): الزلة في الأصل استرسال الرجل من غير قصد، يقال: زلت رجله تزل، والمزلة المكان الزلق، وقيل للذنب من غير قصد له: زلة تشبيهاً بزلة الرجل. أقول: والمناسب هنا أن يحمل علي الاسترسال إلي الذنب؛ ليزدوج مع قوله: ((أو نضل)) وتوافق الرواية الأخرى ((ضل وأضل)).

قوله: ((أو نجهل)) ((مظ)): أي نفعل بالناس فعل الجهال من الإيذاء، وإيصال الضرر إليهم، أو يفعل الناس بنا فعل الجهال من إيصال الضرر إلينا.

أقول: إن الإنسان إذا خرج من منزله، لابد أن يعاشر الناس ويزاول الأمور، فيخاف أن يعدل عن الطريق المستقيم، فإما أن يكون في أمر الدين، فلا يخلو من أن يَضل أو يُضل، وإما أن يكون في أمر الدنيا، فإما بسبب جريان المعاملة، بأن يظلم أو يُظلم، وإما بسبب الاختلاط والمصاحبة، فإما أن يجهل أو يُجهل عليه؛ فاستعيذ من هذه الأحوال كلها بلفظ سلس موجز، وروعى المطابقة المعنوية والمشاكلة اللفظية، كقول الشاعر:

ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

<<  <  ج: ص:  >  >>