وفي رواية لمسلم:((يمين الله ملأى – قال ابن نمير ملآن – سحاء لا يغيضها شيء الليل والنهار)).
٩٣ - وعنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذراري المشركين، قال:((الله أعلم بما كانوا عاملين)) متفق عليه.
ــ
للملأى، وأن تكون ((أرأيتم)) استئنافا، وفيه معنى الترقي؛ فإنه لما قيل:((ملأى)) أوهم جواز النقصان فأزاله بقوله: ((لم يغضها)) وربما يمتلئ الشيء ولم يغض، فقيل:((سحاء)) ليؤذن بالغيضان، وقرنها بما يدل على الاستمرار من ذكر الليل والنهار، ثم أتبعها بما يدل على أن ذلك مقررا، غير خاف على كل ذي بصر وبصيرة بعد أن انتقل من ذكر الليل والنهار إلى المدة المتطاولة بقوله:((أرأيتم)) مستأنفا؛ لأنه خطاب عام ذو خطر، والهمزة في ((أرأيتم)) للتقرير أي أرأيتم ذلك كذلك ولو كان للإنكار لكن الظاهر أن يقال غاض بدل ((لم يغض)) والكلام إلى ههنا إذا أخذته بجملته وزيادته من غير نظر إلى المفردات كان كناية إيمائية، وإليه ينظر قول التوربشتي حيث قال: كل ذلك ألفاظ استعيرت لفضل الغنى، وكمال السعة، والنهاية في الجود، وبسط اليد في العطاء وإن صرح بذكر الاستعارة.
قوله:((وكان عرشه على الماء)) حال من ضمير ((خلق))، وكذا ((وبيده الميزان)) منه أو من الضمير في ((خبر)) كان؛ لأنه خلاف في اسم كان هل يقع منه حال أم لا؟ وسيأتي الكلام في تحقيق ((وكان عرشه على الماء)) في باب ((بدأ الخلق)) في الحديث الأول من الفصل الأول.
((مح)): في شرح صحيح مسلم: ((ملآن)) هكذا وقع في رواية عبد الله بن نمير، قالوا: هذا غلط منه، وصوابه ((ملأى)) بلا نون، كما في سائر الروايات. وأقول: إن أرادوا مما ذكروا رد هذه الرواية نقلا فلا نزاع، وإن أرادوا معنى لعدم مطابقة الخبر المبتدأ تأنيثا وتذكيرا فلا؛ لأن معنى ((يد الله)) إحسانه وإفضاله، فاعتبر المعنى وذكر، وأنشد صاحب الكشاف:
تبيت نعمى على الهجران عاتبة سقيا ورعيا لذاك العاتب الزاري
ابن جنى عن الإصمعي عن ابن عمرو قال: سمعت رجلا يقول: فلان لعوب جاءته كتابي فاحتقرها، فقلت: أتقول: جائته كتابي؟ فقال: أليس بصحيفة؟ والله أعلم.
الحديث الخامس عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((ذراري المشكرين)) الذرية من الذر بمعنى التفريق؛ لأن الله تعالى ذرهم في الأرض، وقيل: هو من ذرأ الله الخلق، فتركت همزته.