٩٤ - وعن عبادة بن الصامت، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب فقال: ما أكتب؟ قال: اكتب القدر. فكتب ما كان وما هو كائن إلى الأبد)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب إسنادا [٩٤].
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن عبادة رضي الله عنه: قوله: ((إن أول ما خلق الله القلم)) قال بعض المغاربة: وهو برفع القلم – وإن صحت الرواية بنصبه – فيكون منصوبا على لغة من ينصب خبر إن. قال المالكي: يجوز على مذهب الكسائي أن يكون منصوبا بكان المقدرة أي أن أول ما خلق الله كان القلم، وأنشد: يا ليت أيام الصبا رواجعا! أي كانت رواجعا.
وقال المغربي: لا يجوز أن يكون ((القلم)) مفعول ((خلق)) لأن المراد أن القلم أول مخلوق خلقه الله تعالى، ولو جعل مفعولا لوجب أن يقال: إن اسم ((إن)) ضمير الشأن، و ((أول)) ظرف منصوب بـ ((إن)) فينبغي سقوط الفاء من قوله: ((فقال)) فرجع المعنى إلى قوله: ((فقال له: اكتب)) حين خلقه، فلا يكون في الحديث إخبار بأن القلم أول مخلوق، كما يقتضيه معنى الرواية الصحيحة، ورفع القلم. ولو صحت الرواية بالنصب لم تمنع الفاء من تنزيل الحديث على ذلك المعنى، وذلك أن يقدر قبل ((فقال)): أمره بالكتابة ((فقال اكتب)) فيكون هو العامل في الظرف، والجملة مفسرة للضمير.
قوله:((ما كان)) ليس حكاية عما أمر القلم بكتبه، إذ لو كان كذلك لقال: اكتب ما يكون، وإنما هو إخبار باعتبار حاله عليه الصلاة والسلام.