للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٥ - وعن مسلم بن يسار، قال: سئل عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] عن هذه الآية: {وإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية، قال عمر:

ــ

الحديث الثاني عن مسلم رضي الله عنه: قوله: ((فقال)) تفسير لمحذوف، فالتقدير: سمعت جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم حال سؤال السائل عنه فقال، نحو قوله تعالى: {سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي} والأصل سمعنا نداء مناد، حذف المضاف وجعل ((ينادي)) حالا من المفعول، ثم فسر النداء بقوله: ((أن آمنوا)) لأن النداء في معنى القول. فإن قلت: كيف يصح أن يكون ((فقال)) تفسيرا مع وجود الفاء؟ قلت: الفاء غير مانعة من ذلك؛ لأن المفسر يعقب المفسر، كما في قوله تعالى: {فَتُوبُوا إلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} على أن يكون القتل عين التوبة.

قوله: ((مسح)) ((قض)): يحتمل أن يكون الماسح هو الملك الموكل على تصوير الأجنة وتخليقها، وجمع موادها، وإعداد عددها؛ وإنما أسند إلى الله من حيث هو الآمر به، كما أسند إليه التوفي في قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} والمتوفى لها هو الملائكة؛ لقوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ} ويحتمل أن يكون الماسح الباري تعالى، والمسح من باب التمثيل. وقيل: هو من المساحة بمعنى التقدير، كأنه قال: قدر ما في ظهره من الذرية، وقال في معنى الآية: نزل تمكين بني آدم من العلم بربوبيته بنصب الدلائل، وخلق الاستعداد فيهم، وتمكينهم من معرفتها، والإقرار بها منزلة الإشهاد والاعتراف تمثيلا وتخييلا، لا قول ثمة ولا شهادة حقيقة.

قال الإمام فخر الدين الرازي: أطبقت المعتزلة على أنه لا يجوز تفسير الآية بالحديث؛ لأن قوله: ((من ظهورهم)) بدل من قوله: ((بني آدم)) فالمعنى: وإذ أخذ ربك من ظهور بني آدم، فلم يذكر أنه أخذ من ظهر آدم شيئا، ولأنه لو كان المراد أنه أخرج من ظهر آدم لما قال: ((من ظهورهم) بل يجب أن يقول: من ظهره ذريته. وأجاب الإمام: أن ظاهر الآية يدل على أنه تعالى أخرج الذرية من ظهور بني آدم، وأما أنه أخرج تلك الذرية من صلب آدم، فليس في لفظ الآية ما يدل على ثبوته ولا على نفيه، إلا أن الخبر قد دل عليه، فثبت إخراج الذرية من ظهور بني آدم بالقرآن، وإخراج الذرية من ظهر آدم بالخبر، ولا منافاة بينهما، فوجب المصير إليهما معا، صونا للآية والخبر عن الاختلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>