سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها فقال:((إن الله خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون)). فقال رجل:. . . .
ــ
((قض)): والتوفيق بينهما أن يقال: المراد من بني آدم في الآية آدم وأولاده، وكأنه صار اسما للنوع كالإنسان، والمراد من الإخراج توليد بعضهم من بعض على مر الزمان، واقتصر في الحديث على ذكر آدم اكتفاء بذكر الأصل عن ذكر الفرع.
وأقول: ونظير معنى الآية على هذا قوله تعالى: {ولَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا} فإن قوله: ((ثم صورناكم)) شامل لآدم أيضا؛ لقوله:{قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ} ويعضده ما رويناه عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان – يعني عرفة – فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنشرهم بين يديه كالذر، ثم كلمهم، فتلا:{ألَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} أخرجه أحمد بن حنبل، والنسائي.
ورواه محي السنة في معالم التنزيل عن مقاتل وغيره وفي آخره: ((ثم أعادهم جميعا في صلبه، فأهل القبور محبوسون حتى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال، وأرحام النساء)). ويجيء من الأحاديث في الفصل الثالث ما يزيل الشك ويقطع الريب في أن المراد من هذا الحديث هذا، ولأن السائل كان أشكل عليه معنى الآية. فطلب منه عليه الصلاة والسلام حل إشكاله، فلما فسره عليه الصلاة والسلام بما فسر، وكشف له ما أبهم عليه سكت؛ لأنه كان بليغا عارفا بصناعة الكلام، وإلا لما سكت، وأما تأويل الإمام فينزل على ما تقرر في حديث (ما من مولود إلا يولد على الفطرة) أن العالم إما عالم الغيب، أو الشهادة، فالحديث وارد في عالم الغيب، والآية في عالم الشهادة، فتحقيق ذلك ما نقل عن المولى العلامة قطب الدين الشيرازي – رحمه الله – أنه تقرر في بداية العقول أن بني آدم من ظهر آدم، فيكون كل ما