فقال: ادع الله أن يعافيني. فقال:((إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خيرٌ لك)). قال: فادعه. قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن الوضوء ويدعو بهذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلي ربي ليقضي لي في حاجتي هذه، اللهم فشفعه في)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريب [٢٤٩٥].
ــ
((إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر، عوضته منهما الجنة)). قوله:((ويدعو بهذا الدعاء)) قال صلى الله عليه وسلم: ((إن شئت دعوت)) فأسند الدعاء إلي نفسه، وكذا طلب الرجل أن يدعو هو له، ثم أمره صلى الله عليه وسلم أن يدعو هو، كأنه لم يرض منه اختياره الدعاء لما قال:((الصبر خير لك)) لكن في جعله شفيعاً له ووسيلة في استجابة الدعاء، ما يفهم أنه صلى الله عليه وسلم شريك فيه. قوله:((إني توجهت بك)) بعد قوله: ((أتوجه إليك)) فيه معنى قوله تعالي: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} سأل أولاً أن يأذن الله نبيه ليشفع له، ثم أقبل علي النبي ملتمساً لأن يشفع له، ثم كر مقبلاً علي الله أن يقبل شفاعته قائلاً:((فشفعه)). ((والباء)) في ((بنبيك)) للتعدية، وفي ((بك)) للاستعانة.
قوله:((ليقضي لي في حاجتي)) فإن قلت: ما معنى ((لي)) و ((في))؟ قلت: معنى ((لي)) كما في قوله: {رب اشرح لي صدري} أجمل أولاً، ثم فصل ليكون أوقع، ومعنى ((في)) كما في قول الشاعر.
يجرح في عراقيبها نصلي
أي أوقع القضاء في حاجتي، واجعلها مكاناً له. ونظير الحديث قوله تعالي:{وأصلح لي في ذريتي}. وقوله:((فشفعه في)) أي اقبل شفاعته في حقي، و ((الفاء)) عطف علي قوله: ((أتوجه إليك بنبيك)) أي اجعله شفيعاً لي فشفعه، وقوله:((اللهم)) معترضة. قوله:((حسن صحيح غريب)) قد سبق أن الصحيح قد يكون غريباً، وأن الحسن يكون في طريق والصحيح في طريق آخر.