٢٤٩٦ - وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان من دعاء داود يقول: ((اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إلي من نفسي ومالي وأهلي، ومن الماء البارد)). قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود يحدث عنه؛ يقول:((كان أعبد البشر)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب.
٢٤٩٧ - وعن عطاء بن السائب، عن أبيه، قال: صلي بنا عمار بن ياسر صلاةً، فأوجز فيها. فقال له بعض القوم: لقد خففت وأوجزت الصلاة. فقال أما علي ذلك، لقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله
صلى الله عليه وسلم. فلما قام تبعه رجل من القوم -هو أبي- غير أنه كنى عن نفسه، فسأله عن الدعاء
ثم جاء فأخبر به القوم:((اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك علي الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا
ــ
الحديث الثاني عن أبي الدرداء: قوله: ((يقول: اللهم)) اسم ((كان حذف ((أن)) كما في قوله: احضر الوغى، وإنما قال:((اجعل حبك أحب إلي من نفسي)) بدل اجعل نفسك، مراعاة للأدب حيث لم يرد أن يقابل بنفسه نفسه عز وجل، فإذا قيل: لعله إنما عدل؛ لأن النفس لا تطلق علي الله تعالي، قلت: بل إطلاقه صحيح، وقد ورد في التنزيل مشاكلة؛ قال تعالي:{تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك}. وقوله:((ومن الماء البارد)) أعاد ((من)) هنا ليدل بذلك علي استقلال الماء البارد في كونه محبوباً، وذلك في بعض الأحيان، فإنه يعدل بالروح، وعن بعض الفضلاء: ليس للماء قيمة؛ لأنه لا يباع إذا وجد، ولا يباع إذا فقد.
قوله:((يحدث)) يروى مرفوعاً جزاء للشرط؛ لأن الشرط إذا كان ماضياً والجزاء مضارعاً، يسوغ فيه الوجهان، و ((يقول)) بدل من الجزاء. قوله:((كان أعبد البشر)) يحتمل أن يراد به في عصره وزمانه، وأن يراد أنه كان أشكر الناس، قال تعالي له:{اعملوا آل داود شكراً} أي بالغ في شكري، وابذل وسعك فيه. قيل: إن داود جزأ ساعات الليل والنهار علي أهله، فلم يكن تأتي ساعة من ساعات الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود قائم يصلي.
الحديث الثالث عن عطاء رضي الله عنه: قوله: ((أما علي ذلك)) الهمزة في ((أما)) يحتمل أن
تكون للإنكار أي أنكر، وما علي ضرر من ذلك، أو للنداء؟ والمنادى بعض القوم، أي يا
فلان ليس علي من ذلك ضرر، ويحتمل التنبيه أي علي بيان ذلك. قوله: ((فلما قام تبعه رجل