للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علمت الوفاة خيراً لي، اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضي والغضب، وأسألك القصد في الفقر والغنى، وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضي بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلي وجهك، والشوق إلي لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهديين)). رواه النسائي. [٢٤٩٧]

ــ

من القوم)) إلي هاهنا قول السائل، وقوله: ((هو أي)) إلي آخره قول عطاء، أي قال السائب: لما قام عمار تبعه رجل، والرجل هو السائب، كنى عن نفسه بالرجل، وهذا الرجل هو المراد من قول عطاء ((هو أبي)) وتقدير الاستثناء أنه لم يصرح السائب باسمه إلا أنه كنى عن نفسه بالرجل. وقوله: ((فسأله)) أي فسأل عماراً، ثم جاء الرجل وهو السائب، فأخبر بالدعاء القوم.

قوله: ((بعلمك)) الباء للاستعطاف، أي أنشدك بحق علمك. وقوله: ((وأسألك خشيتك)) عطف علي هذا المحذوف، و ((اللهم)) معترضة. والمراد بـ ((الخشية)) في الغيب والشهادة إظهارها في السر والعلإنية، وكذلك معنى الرضي، أي في حالة رضي الخلق وغضبهم. قوله: ((قرة عين لا تنقطع)) يحتمل أنه طلب نسلاً لا ينقطع بعده، قال تعالي: {هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين} أو طلب محافظة الصلوات والإدامة عليها، كما ورد ((وجعلت قرة عيني في الصلاة)). قوله ((لذة النظر)) قيد ((النظر)) باللذة؛ لأن النظر إلي الله إما هيبة وجلال في عرصات القيامة، وإما نظر لطف وجمال في الجنة؛ ليؤذن بأن المطلوب هذا. قوله ((في غير ضراء مضرة)) متعلق الظرف مشكل، ولعله متصل بالقرينة الأخيرة، وهي قوله: ((والشوق إلي لقائك)) سأل شوقاً إلي الله تعالي في الدنيا بحيث يكون ضراء غير مضرة أي شوقاً لا يؤثر في سيري وسلوكي وإن ضرني مضرة ما، قال:

إذا قلت: أهدي الهجر لي حلل البلاء ... تقولين: لولا الهجر لم يطلب الحب

وإن قلت: كربي دائم، قلت: إنما ... يعد محباً من يدوم له كرب

ويجوز أن يتصل بقوله ((أحيني ما علمت الحياة خيراً لي)). ومعنى ((ضراء مضرة)) الضر الذي لم يصبر عليه، كما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم: ((عجباً لأمر المؤمن -إلي قوله- إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له)). قوله: ((هداة مهديين)) وصف الهداة بالمهديين؛ لأن الهادي إذا لم يكن مهتدياً في نفسه لم يصلح أن يكون هادياً لغيره؛ لأنه يوقع الخلق في الضلال من حيث لا يشعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>