امرأة إلا ومعها محرم)). فقال رجل: يا رسول الله! اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وخرجت امرأتي حاجة. قال:((اذهب فاحجج مع امرأتك)) متفق عليه.
٢٥١٤ - وعن عائشة، قالت: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد. فقال:((جهادكن الحج)). متفق عليه.
٢٥١٥ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر امرأة مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم)) متفق عليه.
ــ
في جملة من يخرج فيها، من قولهم: اكتتب الرجل، إذا كتب نفسه في ديوان السلطان، ويستعمل أيضاً في موضع كتب. وهو في الأكثر متعارف في المختلق، ومنه قوله تعالي:{وقالوا أساطير الأولين اكتتبها}. وقيل: اكتتب أي أمر بأن يكتب له، كقولهم: اصطنع خاتماً، أي أمر بأن يصنع له، وفي الغريبين يقال: اكتتب فلان، أي سأل أن يكتب في جملة الزمني، ولا يندب للجهاد، وإذا أخذ الرجل من أمير جنده خطاً بزمانته ليتخلف عن الغزو، ولا زمانة به، بل فعل ذلك اعتلالاً، فقد اكتتبه.
أقول: الوجه هو الأول، فإن الصحابي جاء مستفتياً سائلاً عن أحد الأمرين اللازمين عليه فأفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بما هو أولي. ((مح)): في الجواب تقديم الأهم من الأمور المتعارضة؛ لأنه لما عرض له الغزو والحج رجح صلى الله عليه وسلم الحج معها؛ لأن الغزو يقوم غيره في مقامه، بخلاف الحج معها، وليس لها محرم غيره.
الحديث العاشر والحادي عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه قوله:((ذو محرم)) ((مح)): حقيقة المحرم من النساء التي يجوز النظر إليها والخلوة بها والمسافرة معها، كل من حرم نكاحها علي التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فقولنا:((علي التأبيد)) احتراز من أخت المرأة، وعمتها، وخالتها، ونحوهن. وقولنا:((بسبب مباح)) احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها، فإنهما محرمتان علي التأبيد وليستا محرمين؛ لأن وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة؛ لأنه ليس بفعل المكلف. وقولنا:((لحرمتها)) احتراز من الملاعنة؛ فإنها محرمة علي التأبيد بسبب مباح، وليست محرمة؛ لأن تحريمها ليس لحرمتها بل عقوبة وتغليظاً.
وليس المراد من قوله:((مسيرة يوم وليلة)) التحديد؛ لأن كل ما يسمى سفراً نهي المرأة أن تسافر فيه
بغير محرم؛ لرواية ابن عباس المطلقة:((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)) وإنما كان ذلك عن
أمر واقع، فلا يعمل بالمفهوم. وقال: لا يشترط الأمن علي نفسها، ويشترط الأمن بزوج، أو
محرم، أو نسوة ثقات، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم تلزمها، لكن يجوز لا الحج