هديي لحللت كما تحلون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم اسق الهدي فحلوا)) فحللنا، وسمعنا وأطعنا. قال
ــ
وطائفة من أهل الظاهر: ليس خاصاً، بل هو باق إلي يوم القيامة، فيجوز لكل من أحرم بحج وليس معه هدي أن يقلب إحرامه عمرة ويحلل بأعمالها، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: هو مختص بهم في تلك السنة، لا يجوز بعدها. وإنما أمروا به؛ ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج. واستدل بحديث أبي ذر ((كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد خاصة)) يعني فسخ الحج إلي العمرة، وفي كتاب النسائي عن أب بلال ((قلت: يا رسول الله! فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: بل لنا خاصة))، وأما في حديث سراقة:((ألعامنا هذا أم لأبد؟ فقال: لأبد))، فمعناه يجوز الاعتمار في أشهر الحج والقران. فالحاصل من مجموع طرق الأحاديث أن العمرة في أشهر الحج جائزة إلي يوم القيامة، وكذلك القران، وأن فسخ الحج إلي العمرة مختص بتلك السنة.
أقول: في هذا الحديث نفسه دليل علي الاختصاص؛ لأن قول جابر:((أهللنا أصحاب محمد)) معناه أنا معشر أصحاب محمد مخصوصون بالإهلال بالحج إلي آخره. قال في المفصل: وفي كلامهم ما هو علي طريقة النداء ويقصد به الاختصاص لا النداء، وذلك قولهم: نحن نفعل كذا أيها القوم، واللهم اغفر لنا أيتها العصابة، أي نحن نفعل متخصصين من بين الأقوام، واغفر لنا مخصوصين من بين العصائب. وقوله:((في الناس معي)) حال من المفعول، أي كائناً في جملة ناس معي. و ((خالصاً)) أيضاً حال من الحج، و ((وحده)) صفة مؤكدة له، فـ ((خالصاً)) حال موطئة، كقوله تعالي:{قرآناً عربياً}.
قوله: قال عطاء: ((قال: حلوا)) فسر جابر قوله: ((فأمرنا أ، نحل)) بقوله: قال، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم:((حلوا))، ثم فسر عطاء تفسير جابر بقوله:((ولم يعزم عليهم)) أي لم يوجب وطنهن، بدليل قوله:((ولكن أحلهن)) أي أباح وطئهن. وقوله:((إلا خمس)) أي خمس ليال.
قوله:((فنأي عرفة)) ليس من تمام أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هو عطف علي مقدر، أي فتنزهنا من ذلك، وقلنا: نأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني، ومن ثمة أشاروا بمذاكيرهم استهجاناً لذلك
الفعل، ولذلك واجههم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:((قد علمتم إني أتقاكم لله)). وكذا قوله: ((سمعنا